101
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

الكريمة وحظي بها . ۱
ولا غرو ، فإنّ الكمالات الإنسانية تتّصل من جهة بالإيثار وتنتهي من الجهة الاُخرى باليقين . وهذا ما حصل فعلاً وعلى نحو طبيعي بالنسبة لبنية كتاب ميزان الحكمة وتنظيم منهجيته ومحتواه ، حيث ابتدأ بـ «الإيثار» وانتهى بـ «اليقين» . ۲
يحظى رسول اللّه وأهل بيته ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ بأرفع مراتب الإيثار وأسماها ؛ لأنّهم أكمل الناس جميعا ، ومن ثَمّ فهم الاُسوة للآخرين وهم المثال الأعلى الذي لا يُضارَع في مضمار هذه الصفة الإنسانية والخصلة الإسلامية الكريمة . ۳
وقد اقتفى آثارهم على هذا النهج أصحابهم وأتباعهم الحقيقيون ؛ إذ كان لهم حظّ وافر من هذه الخصلة الحميدة ، ۴ حيث يقول الإمام الحسن عليه السلام واصفا جلساء النبيّ صلى الله عليه و آله :
يُوَقِّرونَ الكَبيرَ ، ويَرحَمونَ الصَّغيرَ ، ويُؤثِرونَ ذَا الحاجَةِ. ۵

2 . أنواع الإيثار

سبق أن أشرنا إلى أنّ الإيثار عبارة عن تقديم الآخرين على النفس في تأمين الاحتياجات والمتطلّبات ، وعلى هذا سيكون للإيثار أنواع كثيرة وأبعاد متعدّدة .

1.راجع : ص ۱۱۳ ح ۵ و ص ۱۱۴ ح ۹ و ۱۲ .

2.إشارة إلى العنوان الأوّل والعنوان الأخير من الموسوعة الحديثية «ميزان الحكمة».

3.راجع : ص ۱۳۵ (رسول اللّه صلى الله عليه و آله ) وص ۱۳۶ (أهل البيت عليهم السلام ) .

4.راجع : ص ۱۴۸ (الأنصار) وص ۱۵۷ (أبو ذرّ) و ص ۱۵۸ (أصحاب الحسين عليه السلام ) .

5.معاني الأخبار : ص ۸۳ ح ۱ ، عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۱ ص ۳۱۸ عن إسماعيل بن محمّد بن إسحاق عن الإمام الرضا عن آبائه عليهم السلام ، المناقب للكوفي : ج ۱ ص ۲۵ ح ۱ ، بحار الأنوار : ج ۱۶ ص ۱۵۲ ح ۴ ؛ كنز العمّال : ج ۷ ص ۱۶۶ ح ۱۸۵۳۵.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
100

كما يستعمل تارة اُخرى بمعنى التقديم السلبي ، كما في قوله سبحانه :
«بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَوةَ الدُّنْيَا * وَ الْاخِرَةُ خَيْرٌ وَ أَبْقَى» . ۱
ما يستدعي الانتباه في استعمال هذا المصطلح للتدليل على قيمة من القيم الأخلاقية ، أنّ مطلق تقديم الآخرين وتفضيلهم على النفس في تأمين الاحتياجات والمتطلّبات لا يعدّ بنفسه ذا قيمة حسب الرؤية الإسلامية ؛ لأنّه ترجيح بلا مرجّح ، والتقديم في غير محلّه ليس له قيمة كما سيأتي ذكره في آداب الإيثار ، لذلك كلّه اكتسب تعريف الإيثار الإيجابي في مصباح الشريعة الصيغة التالية :
أصل الإِيثارِ تَقديمُ الشَّيءِ بِحَقِّهِ. ۲
ينهض هذا القسم بتبيين الإيثار الإيجابي انطلاقا من المنظور القرآني والحديثي ۳ ، ومن ثَمّ فإنّ كلّ ما سيأتي بعد ذلك باعتبار أنّه مدخلٌ لنصوص هذا القسم وخلاصةٌ لها ، إنّما يتعاطى مع الإيثار بوصفه قيمة أخلاقية مهمّة .
وفي هذا السياق تواجهنا العناوين التالية :

1 . قيمة الإيثار

يعدّ الإيثار أحد أبرز الفضائل والقيم الإنسانية حيث نعتته كلمات القادة المعصومين بأوصاف كريمة من قبيل أنّه أعلى مكارم الأخلاق ، وأعلى الإحسان ، وأعلى مراتب الإيمان وأفضل عبادةٍ . ۴ وفي ثقافة الإسلام ومعياره : لا يستحقّ أحد من الناس ألقاب الفضيلة والمروءة والفتوّة ويكون بها خليقا ، إلّا من تخلّق بهذه الخصلة

1.الأعلى : ۱۶ و ۱۷.

2.مصباح الشريعة : ص ۴۱۵.

3.ستأتي البحوث ذات الصلة بالإيثار السلبي في الأبواب التي ترتبط بـ «الدنيا» إن شاء اللّه .

4.راجع : ص ۱۱۷ (قيمة الإيثار) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294870
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي