103
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

ج ـ الإيثار في الدعاء

من النقاط التربوية التي تتألّق في سيرة أهل البيت عليهم السلام تقديمهم الآخرين في الدعاء وإيثارهم لهم ، فعن الإمام موسى الكاظم ، عن آبائه عليهم السلام :
كانَت فاطِمَةُ عليهاالسلام إذا دَعَت تَدعو لِلمُؤمِنينَ وَالمُؤمِناتِ ولا تَدعو لِنَفسِها ، فَقيلَ لَها : يا بِنتَ رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، إنَّكِ تَدعينَ ۱ لِلنّاسِ ولا تَدعينَ ۲ لِنَفسِكِ ! فَقالَت : الجارُ ثُمَّ الدّارُ. ۳
مضى على هذا المنهاج أتباع أهل البيت عليهم السلام إذ كان المبرّزون منهم يحظون بفضيلة هذا الضرب من الإيثار العبادي .
يحدّث زيد النرسي ، بقوله :
كُنتُ مَعَ مُعاوِيَةَ بنِ وَهَبٍ فِي المَوقِفِ وهُوَ يَدعو ، فَتَفَقَّدتُ دُعاءَهُ ، فَما رَأَيتُهُ يَدعو لِنَفسِهِ بَحَرفٍ ، ورَأَيتُهُ يَدعو لِرَجُلٍ رَجُلٍ مِنَ الآفاقِ ويُسَمِّيهِم ويُسَمِّي آباءَهُم حَتّى أفاضَ النّاسُ .
فَقُلتُ لَهُ : يا عَمُّ ، لَقَد رَأَيتُ مِنكَ عَجَبا !
قالَ : ومَا الَّذي أعجَبَكَ مِمّا رَأَيتَ ؟
قُلتُ : إيثارُكَ إخوانَكَ عَلى نَفسِكَ في مِثلِ هذَا المَوضِعِ ، وتَفَقُّدُكَ رَجُلاً رَجُلاً .
فَقالَ لي : لا تَعجَب مِن هذا يَابنَ أخي ؛ فَإِنّي سَمِعتُ مَولايَ ومَولاكَ ومَولى كُلِّ مُؤمِنٍ ومُؤمِنَةٍ ـ وكانَ وَاللّهِ سَيِّدَ مَن مَضى ، وسَيِّدَ مَن بَقِيَ بَعدَ آبائِهِ عَلَيهِمُ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ ـ وإلّا صُمَّتا اُذُنا مُعاوِيَةَ وعَمِيَتا عَيناهُ ولا نالَتهُ شَفاعَةُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله إن لَم يَكُن سَمِعتُهُ مِنهُ وهُوَ يَقولُ :

1.في المصدر : «تدعون» ، والتصويب من بحارالأنوار

2.. في المصدر : «تدعون» ، والتصويب من بحارالأنوار .

3.علل الشرائع : ص ۱۸۲ ح ۲ عن أبي زيد الكحّال عن أبيه ، روضة الواعظين : ص ۳۶۱ نحوه من دون إسنادٍ إلى أحد من أهل البيت عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۴۳ ص ۸۲ ح ۴ وراجع : دلائل الإمامة : ص ۱۵۲ ح ۶۵ وكشف الغمّة : ج ۲ ص ۹۴.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
102

وإنّ ما سنكتفي بذكره من ضروب الإيثار لا يزيد على كونه عدّة من مصاديق لهذا العنوان جاءت في الروايات والنصوص الإسلامية ، من دون أن يعني ذلك انحصار هذه الأنواع بهذه الموارد .
أمّا المصاديق التي نعنيها ، فهي :

أ ـ الإيثار في المال

يُومِئ التحليل النصوصي الذي جاء في هذا القسم إلى أنّ الدائرة الأوسع في استعمال كلمة «الإيثار» في القرآن والحديث وما يتّصل بهذه المفردة ويؤدّي معناها ، إنّما تنصبّ على الإيثار المالي . ومردّ ذلك إلى أنّ الاحتياجات المالية هي أوسع احتياجات الإنسان وأكثرها ضرورة وإلحاحا .

ب ـ الإيثار في النفس

يفوق الإيثار بالنفس الإيثار بالمال ويتقدّم عليه في الأهمّية كثيرا ، فقليل من الناس على استعداد لتقديم حياة الآخرين وإيثارها على حياتهم ، ولا غرو فهذا الضرب من الإيثار يتمنّع بهِ ويتردّد فيه حتّى ملائكة كرام من وزن جبرئيل وميكائيل . ۱
في الحقيقة إنّ الإيثار بالنفس للّه سبحانه هو مرتبة الإنسان الكامل ، وهذا ما يفسّر ثناء اللّه سبحانه لإيثار الإمام عليّ عليه السلام ليلة المبيت على الفراش وبذله نفسه ومباهاته سبحانه بهذا الموقف العلوي أمام الملائكة ، حيث نزلت الآية الكريمة في هذه الواقعة :
«وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ»۲ . ۳

1.راجع : ص ۱۳۶ ح ۶۶ و ص ۱۳۷ ح ۶۸.

2.البقرة : ۲۰۷.

3.راجع : ص ۱۳۶ (إيثار يباهي به اللّه عز و جل).

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294844
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي