167
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

العناوين التي ترفعها هذه التيارات والشعارات التي تلوّح بها في مضمار تأمين الحرّيات وضمان حقوق الناس ، فإنّ المصير الذي تنتهي إليه عند تسلّم السلطة هو الاستئثار والفردية .
على ضوء هذه الحصيلة يمكن القول بأنّ جميع ضروب الاستئثار والفردية التي برزت في التاريخ الإسلامي ممّا كان النبيّ صلى الله عليه و آله قد تنبّأ به وأخبر عن وقوعه ؛ قد اكتسبت في مضمونها هوية مادّية ومنحىً مناهضا للدين ، برغم شعاراتها الدينية وتواريها خلف اسم الدين .

3 . خطر الاستئثار

يعدّ الاستئثار من أخطر الخصال التي تفتك بالقيم وتدمّرها ، فتبعاته المخرّبة لا تقتصر على انحطاط الأخلاق فحسب ، بل تجرّ إلى الفساد الاجتماعي والسياسي ، وبالتالي سقوط الدول وانهيار الحكومات . نقرأ في الحِكَم المنسوبة للإمام عليّ عليه السلام :
الاِستِئثارُ يوجِبُ الحَسَدَ ، وَالحَسَدُ يوجِبُ البِغضَةَ ، والبِغضَةُ توجِبُ الاِختِلافَ ، وَالاِختِلافُ يوجِبُ الفُرقَةَ ، وَالفُرقَةُ توجِبُ الضَّعفَ ، وَالضَّعفُ يوجِبُ الذُّلَّ ، وَالذُّلُّ يوجِبُ زَوالَ الدَّولَةِ وذَهابَ النِّعمَةِ . ۱
تنتهي عملية دراسة تاريخ الإسلام وتحليله على نحو دقيق ، وكذلك تقصّي علل انحطاط الاُمّة الإسلامية وعوامل اُفول نجمها إلى أنّ استئثار عدد من الحكّام وأثَرتهم وفرديتهم ، أدّى إلى إلحاق أضرار ماحقة بحركة هذا الدين وقلّصت من نفوذه وامتداده .

4 . مواجهة الاستئثار

لقد بذل رسول اللّه صلى الله عليه و آله في عهد نبوّته والإمام عليّ عليه السلام أيّام حُكمه ، قصارى

1.راجع : ص ۱۷۸ ح ۹۶.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
166

2 . أسباب الاستئثار

تنتهي عملية تحليل ظاهرة الاستئثار وتقصّي جذورها ومعرفة مناشئها بالرُّسوّ على عدد من الأسباب ، تقف تماما في الجهة المقابلة للإيثار . وهذه الأسباب ، هي :
أ ـ الاستخفاف بحقوق الناس .
ب ـ الاستخفاف بمكارم الأخلاق .
ج ـ الابتلاء بالحرص والبخل والشحّ .
بيد أنّ هذا القدر في تحليل مناشئ الظاهرة وأسبابها لا يعدّ كافيا ، تماما كما سبق أن ذكرنا ذلك في تحليل مناشئ الإيثار ، إذ ينبغي للتحليل أن يتوغّل أكثر ليكشف هذه المرّة عن مناشئ الحرص ولماذا يميل الإنسان إلى عدم الاهتمام بحقوق الناس ، والاستخفاف بمكارم الأخلاق ؟
إنّ الأصل العميق الذي ترجع إليه جذور ظاهرة الاستئثار وأسبابه ، يتمثّل بالأنانية وغياب الإيمان أو ضعفه ، فإذا عجز الإيمان عن استيعاب الغرور والأنانية الذاتية عند الإنسان ولم ينجح بهضمها وتوجيهها ، فمن الطبيعي أن يتمخّض ذلك عن إنسان أناني مغرور ، لا يعيش إلّا ذاته ولا يفكّر سوى بالاستحواذ على كلّ شيء والانفراد به لنفسه وذويه وقرابته ومن يرتبط به ، وبتعبير الإمام عليّ عليه السلام :
مَن مَلَكَ استَأثَرَ. ۱
هذا التعليل هو الذي يفسّر مآلات التيارات المادّية ومصيرها ، فمهما كانت

1.نهج البلاغة : الحكمة ۱۶۰ ، الأمالي للمفيد : ص ۱۸۹ ح ۱۵ ، الأمالي للطوسي : ص ۲۲۹ ح ۴۰۴ كلاهما عن رفاعة بن موسى عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۱۳ ص ۳۵۷ ح ۶۲ ؛ شُعب الإيمان : ج ۲ ص ۳۱۱ ح ۱۹۱۰ عن أبي وائل وراجع : تحف العقول : ص ۸ والمعجم الكبير : ج ۵ ص ۲۴ ح ۴۴۷۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 292395
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي