227
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

5 . حكمة ستر الآجال

النقطة الأخيرة التي توفّر عليها البحث ، أنّ بقاء أجل الإنسان مستورا عنه لَمِن دلائل حكمة اللّه ومن علائم تدبير خالق الوجود ـ جلّ جلاله ـ .
إنّ الحقيقة الّتي لا مراء فيها أنّ ستر الأجل وتعميته عن الإنسان يأتي حقّا في عداد النِعَم الإلهية الكبرى . على أنّ التأمّل في هذه الحقيقة يفضي إلى نتيجة تُفيد بأنّ العلم ليس بنعمة بالضرورة في كلّ موضع ، بل ربّما كان الجهل نعمة أحيانا ۱ . فلو انكشف للإنسان أجله وعرف أنّ عمره قصير لهيمن عليه الاضطراب وتسوّر عليه القلق ومضى في معيشة ضنكٍ ، ولو عرف أنّ عمره طويل ؛ لتسلّطت عليه الغفلة وغطس في غياهبها ، ومن ثَمّ صار علمه هذا وبالاً عليه يمنعه من تبصّر المستقبل والتدبّر لمآله فيه . ۲

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلامية (المعرفة) : ج ۱ ص ۳۸۸ (أحكام الجاهل / ما مُدِح من الجهل).

2.راجع : ص ۲۴۱ (حكمة ستر الآجال) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
226

4 . حراسة الأجل للإنسان

ركّزت أحاديث الفصل الثالث على أنّ الأجل هو حصن حصين يحرس الإنسان ويحمل أعباء وقايته ، وأنّ هذا الحصن يكفي وحده لحماية الإنسان ويوفّر لروحه جُنّة واقية .
وفي هذا الصّدد هناك مسألتانِ جديرتانِ بالبحث .
الاُولى : أيّ الأجلَين هو الذي ينهض بحراسة الإنسان ووقايته؟
الثّانية : إذا آمنّا بأنّ الأجل ينهض بحراسة الإنسان ، وهو بمنزلة جُنّة حصينة له ، فما الحاجة إذا إلى الوقاية من الأمراض الخطيرة ، وما معنى الحذر من الأعداء والاحتراس من كيدهم ، على ما مضت عليه سيرة الإمام عليّ عليه السلام الذي لم يكن يسمح للآخرين باتخاذ إجراءات لحمايته ؟
بشأن المسألة الاُولى : يُلاحظ أنّ كلا الأجلين الموقوف والمحتوم بمقدورهما أن يكونا حارسا للإنسان وجُنّة له ، ففي الأجل المحتوم ما لم يبلغ الإنسان أقصى هذا الأجل وغايته ومنتهاه فستكون الفرصة متاحة أمامه لإدامة الحياة ، أمّا في حال الأجل المعلّق والموقوف فما لم يتحقّق المعلّق عليه ، فإنّ أجل الإنسان لن يبلغ مداه ونهايته .
وبالنسبة إلى المسألة الثانية : فلا ريب في أنّ مواجهة الأمراض ومكافحتها والحذر من الأعداء والاحتراس منهم ، إجراءات ضرورية للوقاية من الأجل المعلّق ، وبشأن ما جاء في سيرة الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ورفضه للحراسة الشخصية وإجراءات الحفاظ عليه ؛ فلعلّ الباعث إلى ذلك علمه عليه السلام بأجله المحتوم ، ۱ وهذا ممّا لا يمكن تعميمه على بقية الناس الذين تلزمهم الوقاية والاحتراس .

1.راجع : موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام في الكتاب والسنّة والتاريخ : ج ۴ ص ۲۷۰ (بحث حول تعريض الإمام عليه السلام نفسه للقتل) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 292400
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي