247
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

كما في قوله : «وَ لَدَارُ الْاخِرَةِ خَيْرٌ»۱ ، وكذلك صفةً لـ «يوم» كما في قوله : «مِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْاخِرِ»۲ . بيد أنّ ما يلاحظ هو حذف الموصوف في أغلب الموارد ، حيث استعملت الآخرة في مقابل الدنيا في الدلالة على الحياة ما بعد الموت .
لقد تكرّرت هذه المفردة (143) مرّةً في القرآن الكريم ؛ منها (4) مرّات بالمعنى اللّغوي ، و(139) مرّة بمعنى الحياة بعد الموت ، وقد وردت بهذا المعنى الأخير بصيغٍ متعدّدة ، إذ جاءت (88) مرّةً بلفظ «الآخِرة» ، و(22) مرّةً بلفظ «بِالآخرة» ، و(3) مرّات بلفظ «لَلآخرة» ، و(26) مرّةً بلفظ «الآخِر» مسبوقا بكلمة «اليوم» .
قد يبدو للوهلة الاُولى أنّ مفردة «الآخرة» تساوي مفردة «القيامة» و «يوم الحساب» ، بيدَ أنّ التدقيق في جذرها اللغوي ومجالاتها الاستعمالية في القرآن يشير بوضوح أنّ المقصود من الآخرة هو ما يقابل الدنيا على النحو الذي يشمل فيه المعنى جميع منازل الحياة ما بعد الموت ويحتوي مواقف النشأة الاُخرى بأجمعها ، على حين ليست القيامة في حقيقتها إلّا واحدة من منازل الآخرة ، ولذا عدّ النبيّ صلى الله عليه و آله القبر أوّل منازل الآخرة ، في قوله :
القَبرُ أوَّلُ مَنازِلِ الآخِرَةِ ؛ فَإِن يَنجُ مِنهُ فَما بَعدَهُ أيسَرُ مِنهُ ، وإن لَم يَنجُ مِنهُ فَما بَعدَهُ أشَدُّ مِنهُ . ۳
انطلاقاً من هذا التمييز ، فإنّ ما يهتمّ به هذا القسم ، هو عرض النصوص التي تدرس مجموع الحياة ما بعد الموت وتغطّيها كعنوان واحد ، أمّا النصوص والمسائل التي ترتبط بكلّ واحدة من منازل الآخرة وعوالمها من قبيل عالم البرزخ، والقيامة،

1.يوسف : ۱۰۹.

2.البقرة : ۸ .

3.راجع : ص ۲۵۶ ح ۱۹۴ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
246

«وَ إِنَّ لَنَا لَلْاخِرَةَ وَ الْأُولَى» . ۱«وَ لَلْاخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ الْأُولَى» . ۲
الحقيقة أنّ القرآن الكريم ومعه الأحاديث الإسلامية يستعملان كلمة «الآخرة» في واحد من أبرز مصاديقها اللغوية ، من هذا المنطلق يجيء جواب النبيّ صلى الله عليه و آله ليزيد بن سلام عندما سأله : أخبرني لِمَ سُمّيت الآخرةُ آخرةً؟ حين قال له :
لِأَنَّها مُتَأَخِّرَةٌ تَجيءُ مِن بَعدِ الدُّنيا ، لا توصَفُ سِنينُها ، ولا تُحصى أيّامُها ، ولا يَموتُ سُكّانُها. ۳
أمّا بشأن ما روي عن الإمام عليّ عليه السلام في جواب من سأله : لِمَ سُمّيت الآخرةُ آخرةً؟ حين قال :
سُمِّيَتِ الآخِرَةُ آخِرَةً ، لِأَنَّ فيهَا الجَزاءَ وَالثَّوابَ . ۴
فالأمر فيه هو ما ذهب إليه العلّامة المجلسي قدس سره في بيانه ۵ ، من أنّ في الآخرة الجزاء والثواب ، ومادام الجزاء متأخّراً عن العمل ، فقد سُمّيت الحياة بعد الموت الآخرة .
لقد جاءت مفردة الآخرة في القرآن صفةً لـ «النشأة» تارة ، كما في قوله سبحانه : «ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْاخِرَةَ»۶ ، كما جاءت تارة اُخرى صفةً لـ «الدار» في مثل قوله تعالى : «وَ إِنَّ الدَّارَ الْاخِرَةَ لَهِىَ الْحَيَوَانُ»۷ ، كما استعملت أيضاً كمضافٍ إلى «الدار»

1.الليل : ۱۳.

2.الضحى : ۴.

3.راجع : ص ۲۵۵ ح ۱۹۲ .

4.راجع : ص ۲۵۵ ح ۱۹۳ .

5.بحار الأنوار : ج ۱۰ ص ۱۳.

6.العنكبوت : ۲۰.

7.العنكبوت : ۶۴ وراجع : القصص : ۸۳ .

عدد المشاهدين : 329442
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي