27
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

إلى نقل قسم من كتب مكتبتي الشخصية إلى المكان المذكور ووضعتها تحت تصرّف المحقّقين والعاملين هناك ، وأطلقت على المكان اسم «مؤسّسة دار الحديث» .
أجل ، هكذا جاءت انطلاقة دار الحديث العلمية الثقافية ؛ إذ انبثقت بدءاً بهدف استكمال ميزان الحكمة مستفيدة من الإمكانات المتواضعة المنوّه بها ، ومن الجهود الشابّة لعدد من فضلاء الحوزة العلمية بمدينة قم ، ليسجّل عام 1408 ه . ق بداية المسيرة وانطلاق فعاليات هذه المؤسسة بهذا الشكل غير الرسمي .

افتتاح «دار الحديث» رسميّاً

بفضل اللّه ومنّته استطاعت مؤسّسة دار الحديث أن تستقطب الكفاءات الجديرة تدريجيّاً ، وتوفّر المكان المناسب نسبيّاً لتوسعة فعاليّاتها وامتداد نشاطاتها ، إلى أن تمَّ افتتاح مؤسّسة دار الحديث العلميّة الثقافيّة رسميّاً بتاريخ 22 آبان 1374 ه . ش الموافق للعشرين من جمادى الآخرة عام 1416ه . ق ، وذلك بكلمةٍ موجّهة من قبل سماحة السيّد القائد آية اللّه الخامنئيّ . ۱

1.. نص كلمة قائد الثورة السيد علي الخامنئي بمناسبة افتتاح دار الحديث هو كالتالي : بسم اللّه الرحمن الرحيم . يأتي الاهتمام بالحديث بعد التمسّك بالكتاب الحكيم الحميد ، بوصفه أفضل وظيفة ممّا يُكلَّف به عالمُ الدين ، فهذه الاستضاءة من أنوار العلم والحكمة تسطع من كلام نبيّ الإسلام المكرّم صلى الله عليه و آله ومن تعاليمه وهديه ، وهدي الأئمّة المعصومين من أهل بيته عليهم السلام ، وتأخذ بالعقل والفكر الإنساني وترشدهما ، وتجعل الحياة الإنسانيّة تحظى بالعقلانيّة والسلوك الحكيم ، والأمر كما ذكره الإمام أبو جعفر عليه السلام في حديثه إلى جابر : «يا جابِرُ ، وَاللّه ِ ، لَحَديثٌ تُصيبُهُ مِن صادِقٍ في حَلالٍ وحَرامٍ خَيرٌ لَكَ مِمّا طَلَعَت عَلَيهِ الشَّمسُ حَتّى تَغرُبَ». (المحاسن : ج ۱ ص ۳۵۶ ح ۷۵۶ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۱۴۶ ح ۱۵) . في تاريخ العلم الديني يعدّ فهم الحديث وحمله ووعيه وشرحه واحداً من أبرز الفصول ، ومن وجهةٍ يعدّ الحديث اُمّ الكثير من العلوم الإسلامية أو كلّها ؛ انطلاقاً من هذه الوجهة ذهب العالم الكبير الأقدم الشيخ الكليني رحمه الله في مقدّمة الكافي الشريف إلى أنّ الحديث مساوٍ لعلم الدين ، وعدّه محور العلم والإيمان. إنّ دقّة الفقهاء وتمحيص كبار علماء السلف في أمر الحديث ، وكيفيّة تحمّل ذلك ، وشروط الوثوق بالرواية وبقيّة ما هو واضح لأهله في هذا الباب ، إنّما ينبع بأجمعه من هذه الأهمّيّة ، ويحكي الشأن العظيم الذي يحظى به الحديث وتأثيره المشار إليه على مصير الفرد والمجتمع الإسلامي. واليوم ثَمّ حاجة ملحّة لجهد مخطّط مبرمج يتناول الحديث ، من حيث تمييز الصحيح من السقيم ، والصادق من الكاذب ، والثابت من المشكوك به ، وكذلك التأمّل في فهم الحديث ، ودرك معضلاته ، ووعي مدلولاته ومضامينه الأساسية ، ومقارنته بكلام اللّه العزيز الحكيم ، ومعرفة مدى صلته به ، وشرحه على نحو علمي دقيق ، وأيضاً نشر ما ينفع الجميع وتعمّ به فائدتهم ، إلى كثير من الخدمات والجهود الاُخرى. إلى جوار ذلك كلّه ، ثَمّ مهامّ ضروريّة اُخرى ينبغي إنجازها ، من قبيل تحليل علم الرجال ، ودراسة تاريخ صدور الحديث ومساره وتحوّلاته ، ووعي الأرضيّة التي جعلت صدور كلّ حديث ضرورياً أو راجحاً ، ثُمَّ التنقيب في كتب حديث أهل السنّة عن المضامين المشابهة. وحيثُ يُصار الآن إلى تأسيس مجمع دار الحديث بهمّة سماحة حجّة الإسلام والمسلمين الشيخ الريشهري ، الذي يحظى بالتبحّر والخلفيّة والتجربة في هذا الشأن ، بالإضافة إلى شغفِه بالحديث وولعه به ؛ فإنّ هذا الحدث يُنبئ ببشارة تومِئ إلى اقترابنا تدريجيّاً من الوفاء بهذه الحاجات ، وتحقّق هذه المتطلّبات في أمر الحديث ، إن شاء اللّه تعالى . أسأل اللّه سبحانه التوفيق له وللعاملين معه. السيد علي الخامنئي ۲۲ / ۸ / ۱۳۷۴ هـ ش


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
26

تحقيق الوعد المذكور وتحويله إلى واقع عملي ، فهي :
1 . الانكباب على جميع المصادر الروائية الشيعية والسنية والتوفّر على قراءتها بدقّة ، ثُمّ تصنيف محتوياتها في بطاقات خاصّة .
2 . تصنيف النصوص الإسلامية تصنيفاً موضوعياً شاملاً يتطابق مع متطلّبات العصر على النحو الذي يشمل تصنيف القرآن والحديث معاً ، ويمتدّ إلى مختلف المجالات العقائدية والأخلاقية والسياسية والاقتصادية والثقافية والتاريخية وما إلى ذلك .
3 . ذكر حصيلة الأحاديث الإسلامية في مختلف الجوانب ، والتوفّر على تفسيرها وبيان ما يعسُر من مقاصدها ، وحلّ معضلاتها ، مع تمييز صحيحها عن ضعيفها ، إلى غير ذلك من المهام الكثيرة .
بديهي أنّ تنفيذ كلّ هذه المهامّ هو ممّا ينأى عن طاقة الإنسان الواحد ويتعذّر عليه النهوض بها وحده ، بخاصّة في تلك الأيّام التي عُهد لي فيها بأعباء تأسيس وزارة الأمن ، لذلك فكّرتُ أن أستفيد من جهود عدد من الطاقات الشابّة لطلاب العلوم الدينية لتكميل مشروع ميزان الحكمة ، بحيث يمكن القول إنّ بركات هذه المجموعة قد غرست بذورها منذ تلك اللحظة وانطلقت من هذه النقطة تحديداً .

التأسيس غير الرسمي ل «دار الحديث»

كان العمل لاستكمال ميزان الحكمة بشكل جماعي ومؤسَّسي يحتاج إلى ميزانية مستقلّة ، مضافاً إلى الإمكانات الاُخرى اللازمة لانطلاق المشروع . وقد تسلّمت الميزانية الخاصّة لبدء العمل من الإمام الخميني ـ رضوان اللّه عليه ـ ۱ ، وخصّصتُ الطبقة السفلى التابعة لمنزلي في مدينة قم المقدّسة مكاناً لبدء العمل ، كما بادرتُ

1.كانت ميزانية دارالحديث في العامّ الأوّل ـ والتي تمّ تأمينها من قبل الإمام الخميني رحمه الله ـ : «۲۵۰۰۰۰» تومان .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 292367
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي