343
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

6 . تجديد ميثاق الإخاء الديني آخر الزمان

احتضن الباب السادس من الفصل الخامس من هذا القسم ، أحاديث يذكر فيها النبيّ صلى الله عليه و آله أقواماً يهبّون لنصرة الإسلام آخر الزمان ، وينعتهم بأنّهم «إخوانه» لما يتّسمون به من الثبات ورباطة الجأش وقوّة الجنان ورسوخ الإيمان .
إنّ تفحّص هذه الأحاديث وتأمّلها ، ووضعها إلى جوار تلك الأحاديث التي جاءت في ظلال الآيات التي تخبر عن أنصار الإسلام في مستقبل التاريخ ، كما في قوله :
«فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ» . ۱
وقوله :
«وَ إِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُواْ أَمْثَالَكُم » . ۲
تضع الباحث أمام حصيلة مفادها ، أنّ طرح ميثاق الإخاء الديني مثلما كان في صدر الإسلام ، أحد المقدّمات الأساسية لانتصار المسلمين وتأسيس الحكومة الإسلامية بقيادة النبيّ صلى الله عليه و آله ، فكذلك سيكون في آخر الزمان ؛ إذ سيتجدّد هذا الميثاق وينطلق بزخم أكبر ، ليؤلّف ـ بإذن اللّه تعالى ـ الأرضيّة لتكوين حكومة الإسلام ودولته العالمية بقيادة المهدي من آل محمّد صلى الله عليه و آله ، ليتجلّى بذلك عملياً الوعد الإلهي الحقّ :
«لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ»۳ . ۴

1.المائدة : ۵۴.

2.محمّد : ۳۸.

3.التوبة : ۳۳ وراجع: الفتح : ۲۸ و الصف :۹.

4.سنعرض لهذا الموضوع تفصيلاً في موسوعة الإمام المهدي عليه السلام .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
342

في مناخ مثقل بهذه المؤثّرات ، نزلت آية الاُخوّة :
«إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ» . ۱
حيث بادر رسول اللّه صلى الله عليه و آله مستلهماً الوحي الإلهي ، وبصفته سياسياً متضلّعاً وقائداً محنّكاً ؛ إلى طرح ميثاق الإخاء الديني بين المسلمين مجدّداً ، فآخى بين المهاجرين والأنصار ، ووظّف معطيات هذا المبدأ الربّاني في نَسج الوحدة السياسية والمعنوية في المجتمع الجديد ، فتغلّب على معضلة الاختلافات الداخلية عن هذا السبيل ، وأرسى دعائم أوّل حكومة إسلامية ورسّخ بُناها التكوينية من خلال حالة الانسجام والوحدة التي نشأت في مقابل أعداء الإسلام ، إثر ترسيخ مبدأ الإخاء الديني .
يحدّثنا التاريخ عن المشهد الذي انبلج فيه ميثاق الإخاء الديني ، وهو يسجّل بأنّ النبيّ المصطفى صلى الله عليه و آله لمّا قدم المدينة جمع المسلمين يوماً ، والتفت إليهم مخاطباً :
تَآخَوا فِي اللّهِ أخوَينِ أخوَينِ . ۲
ثمّ قدّم لنا سجلّ السيرة النبوية ومصادر التاريخ الإسلامي ثبتاً بمن آخى النبيّ بينهم وتآخوا ، بيدَ أنّ الانتخاب الأروع في هذا المشهد هو اختيار النبيّ الأقدس صلى الله عليه و آله للإمام عليّ عليه السلام ، أخاً له ، حيث أخذ بيده أمام الملأ وقال :
أنتَ أخي فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ . ۳
تفيد النصوص التاريخية والحديثية أنّ من آثار هذه الخطوة في الإخاء الديني ، توارث المسلمين المتآخين بعضهم لبعض ، حتّى إذا ما قويت شوكة الإسلام وصلب عوده ، نسخ هذا الحكم وانقطعت المؤاخاة في الميراث . ۴

1.. الحجرات : ۱۰ .

2.راجع : ص ۴۰۷ ح ۷۴۶ .

3.راجع: ص ۴۰۵ ح ۷۴۱ و۷۴۳ وص۴۰۹ ح۷۵۱ وص ۴۱۱ ح۷۵۵ و ص۴۱۲ ح۷۵۶ و۷۵۷ وص۴۱۳ ح۷۵۹.

4.راجع : ص ۴۰۶ ح ۷۴۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294919
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي