369
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

إنّ إشهار موقف الحبّ إزاء من لا يرحم المجتمع الإنساني ، ممارسة تعود بتبعات مدمّرة ، وبنصّ الإمام عليّ عليه السلام :
رَحمَةُ مَن لا يَرحَمُ تَمنَعُ الرَّحمَةَ ، وَاستِبقاءُ مَن لا يُبقي يُهلِكُ الاُمَّةَ. ۱
إنّ حبّ المجتمع الانساني يقتضي بغض أمثال هذه العناصر الخطيرة ، وتقليم أظفارها ومنعها من التجاوز على حريم الإنسانية .
على هذا الضوء تتمثّل فلسفة البغض في اللّه ، بمواجهة العقبات التي تمنع سيادة القيم الإنسانية السامية وتحول دون ازدهارها ، وتحمي المجتمع من العناصر المناهضة لتلك القيم ، وأهمّية هذه المواجهة لا تقلّ عن الجهود التي تُبذل لبناء مجتمع يرتكز إلى الحبّ ، بل هي جزء من هذه الجهود .

للبغض منشأ في الحبّ!

بالإضافة إلى ما مرّ ذكره في الفقرة السابقة ، يلاحظ أنّ للبغض منشأ في الحبّ أساساً ، والحبّ الواقعي يقترن مع البغض دائماً ، فكلّ علاقة تربط الإنسان بشيء تفضي طبيعياً إلى التنفّر ممّا يتضاد مع ذلك الشيء ويتعارض معه ، فلا يسع للإنسان أن يحبّ إنساناً حبّاً واقعياً ولا يعادي عدوّه!
إنّ بغض الأعداء في الحقيقة من أوضح الدلائل على واقعية محبّة من يدّعي الحبّ ، ومن هذا المنطلق جاء التركيز في النصوص الإسلامية على ذكر البغض في اللّه إلى جوار الحبّ في اللّه .

1.غرر الحكم : ج ۴ ص ۹۶ ح ۵۴۳۰.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
368

ضروب العلاقات الّتي تنشأ على أساس الغرور والعلوّ والمنافع الشخصيّة فمصيرها إلى البغضاء والعداء عاجلاً كان ذلك أم آجلاً :
«الْأَخِلَاءُ يَوْمَـئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ» . ۱

فلسفة البغض في اللّه عز و جل

أمّا بالنسبة إلى جواب السؤال الثاني ، فينبغي أن ننظر في البدء إلى معنى البغض في اللّه ، وما المقصود منه؟ إذا ما فُسّرت هذه المقولة بنحوٍ صحيح ، فستّتضح فلسفتها والمقصود منها بجلاء ، ممّا يغني عن أيّ توضيح مُسهب .
إنّ معنى البغض في اللّه ، أنّ المبغِض لا ينطوي على أيّ خصومة شخصية من المبغَض ، وأنّ موقف البغض الذي يلتزم به لا يقوم على أساس المنافع الشخصية ؛ إنّه يعاديه من أجل اللّه لا من أجل نفسه ، إذا هناك فرق جوهري بين البغض في اللّه ، والبغض من أجل الذات .
إنّ البغض من أجل الذات وبباعث تأمين المنافع الفردية والحزبية ، هو منشأ جميع ضروب الفتن والفساد ، وسبب كلّ دمار ، أمّا البغض من أجل اللّه فهو كالحبّ للّه ، منشأ جميع ضروب الخيرات والبركات ، وسبب كلّ جهود البناء والإعمار وما يعمّ من مظاهر الازدهار الفردية والاجتماعية .
بعبارة اُخرى ، إنّ البغض من أجل اللّه عداء من أجل تحقيق منافع الناس ، فعداء الإنسان للإنسان الآخر وبغضه له لا يعود بالنفع للّه سبحانه ؛ لأنّه الغنيّ المطلق ، ومن ثَمَّ فإنّ الإنسان والمجتمع الإنساني وحدهما ، هما اللذان يستفيدان من معطيات الحبّ في اللّه أو البغض في اللّه .

1.الزخرف : ۶۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 292403
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي