39
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

وهذه الخصيصة حاكية عن أنّ معارف القرآن لها مراتب عديدة ومعانٍ عميقة يتمّ كشفها والانتفاع بها على مرّ التاريخ ، إلّا أنّ كشف هذه المعاني العميقة والدقيقة لا يتيسّر لكلّ أحد ، وإنّما هو خاصّ بمن له مؤهّلات علميّة وعمليّة معيّنة.

6. تعدّد المعاني والبطون

القرآن الكريم ليس كالكتب الاُخرى التي يكتبها الناس ، فمهما كان الكتاب عميقاً فإنّه يمكن إدراك كنهه ومعناه بالدقّة، وأمّا القرآن الذي هو كلام الحكيم سبحانه وتعالى والذي خلق جميع المخلوقات ويعلم كنه وجودها، وبيده القضايا الحقيقيّة والاعتباريّة، وتحت قدرته الأبصار والأوهام ، وفي ملكه المقدّر والمخلوق؛ فقد نظّم الباري جلّ وعلا هذا الكتاب على أساس الحكمة والعلم بحيث لا يعلم كنهه سواه و سوى من ارتضاه. وهذا هو المعبرّ عنه ببطون القرآن ومعانيه المتعددة ، وقد يعبر عنه بحقائق القرآن.
ففي رواية عن الإمام الباقر عليه السلام :
إنَّ للقُرآنِ بَطنا ، ولِلبَطنِ بَطنا . ۱
وروي عن النبي صلى الله عليه و آله أنّه قال :
إنَّ لِلقرآنِ ظَهرا وبَطنا ، ولِبَطنِهِ بَطنٌ إلى سَبعَةِ أبطُن . ۲
كما جاءت الإشارة إلى هذه المراتب والبطون في الرواية المرويّة عن الإمام عليّ عليه السلام حيث قال:
إنَّ كِتابَ اللّهِ عَلى أربَعَةِ أشياءَ : عَلَى العِبارَةِ، وَ الإِشارَةِ، وَ اللَّطائِفِ، وَ الحَقائِقِ ، فَالعِبارَةُ لِلعَوامِّ ، وَ الإِشارَةُ لِلخَواصِّ ، وَ اللَّطائِفُ لِلأَولِياءِ ، وَ الحَقائِقُ لِلأَنبِياءِ. ۳
وسنوضّح هذه المراتب في البحث اللآتي: «موقع السنّة في مجال المعرفة الدينيّة» إن شاء اللّه .

1.. المحاسن : ج ۲ ص ۳۰۰ ح ۵ .

2.. عوالي اللآلي : ج ۴ ص ۱۰۷ ح ۱۵۹ .

3.عوالي اللآلي : ج ۴ ص ۱۰۵ ح ۱۵۵ ، جامع الأخبار : ص ۱۱۶ ح ۲۱۱ عن الإمام الحسين عليه السلام ، الدرّة الباهرة : ص ۳۱ ، نزهة الناظر : ص ۱۷۲ ح ۳۵۷ ، أعلام الدين : ۳۰۳ كلّها عن الإمام الصادق عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۲۰ ح ۱۸.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
38

ماتوامَاتَتِ الآيَهُ لَماتَ القُرآنُ، ولَكِن هِيَ جارِيَةٌ فِيالباقينَ كَما جَرَت فِيالماضِينَ. ۱
كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام قوله:
إنَّ القُرآنَ حَيٌّ لَم يَمُت و إِنَّهُ يَجري كَما يَجرِي اللَّيلُ وَ النَّهارُ وَ كَما تَجرِي الشَّمسُ وَ القَمَرُ، و يَجري عَلى آخِرِنا كَما يَجري عَلى أَوَّلِنا. ۲
وهذا يعني أنّ المعارف التي يقدّمها القرآن في مجال معرفة العالم ومعرفة الإنسان والبرامج التي يطرحها لنيل السعادة هي موافقة للموازين العقليّة وما تفتقر إليه الفطرة البشرية، ولهذا فإنّها لاتختصّ بزمان دون آخر وإنّما هي حيّة وجارية على طول الزمان.

5. الطراوة

من الممكن أن يتّسم شيء ما بالطراوة لفترة معينة ، إلا أنّه يبلى ويفقد طراوته وحلاوته بعد مدّة من الزمن ، أمّا القرآن الكريم فإنّه مضافاً لعدم صيرورته بالياً فإنه باقٍ على طراوته وحلاوته ، وهذا ما جاء في المرويّ عن النبي الأعظم صلى الله عليه و آله :
كَلامُ اللّهِ جَديدٌ غَضٌّ طَرِيٌّ. ۳
وجاء في رواية اُخرى أنّ رجلاً سأل الإمام الصادق عليه السلام قائلاً: ما بال القرآن لا يزداد عِندَ النّشر و الدّراسة ۴ إلّا غضاضةً ؟
فأجابه الإمام قائلاً:
لِأَنَّ اللّهَ لَم يُنزِلهُ لِزَمَانٍ دُونَ زَمانٍ وَ لا لِناسٍ دونَ ناسٍ، فَهُوَ في كُلِّ زَمانٍ جَديدٌ، و عِندَ كُلِّ قَومٍ غَضٌّ إِلى يَومِ القِيامَةِ. ۵

1.بحار الأنوار: ج ۳۵ ص ۴۰۳ ح ۲۱ نقلا عن تفسير العياشي .

2.تفسير العياشي : ج ۲ ص ۲۰۳ ح ۶ عن عبد الرحيم القصير ، بحار الأنوار : ج ۳۵ ص ۴۰۴ ح ۲۱.

3.الطرف لابن طاووس : ص ۱۴۴ عن الإمام الصادق عن أبيه عليهماالسلام، بحار الأنوار: ج ۲۲ ص ۴۷۷ ح ۲۷.

4.. الدّرس (خ.ل).

5.عيون أخبار الرضا عليه السلام : ج ۲ ص ۸۷ ح ۳۲ عن إبراهيم بن العبّاس عن الإمام الرضا عن أبيه عليهماالسلام ، = الأمالي للطوسي : ص ۵۸۰ ح ۱۲۰۳ ، تنبيه الخواطر : ج ۲ ص ۷۲ كلاهما عن (يعقوب) بن السكيت النحوي عن الإمام الرضا عليه السلام ، بحار الأنوار: ج ۹۲ ص ۱۵ ح ۸ ؛ تاريخ بغداد : ج ۶ ص ۱۱۷ الرقم ۳۱۴۷ عن إبراهيم بن العبّاس عن الإمام الرضا عن أبيه عنه عليهم السلام .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294867
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي