439
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

واضح أنّ الأدب باعتباره قيمة من القيم لا يحتاج إلى وصفه بالصالح ، كما لا يمكن وصفه بالسيّئ ، لذلك لابدّ من حمله في هذه الموارد على التربية بمعناها المطلق ، بل لعلّ كلمة الأدب إذا ذُكرت في بعض الموارد بصورة مطلقة إنّما يُراد بها هذا المعنى ، وحذف صفة «صالح» منها من باب جواز حذف ما يُعلم .
بناءً على ما تقدّم ، فما جاء في تعريف الأدب من أنّ :
الأدب ـ على ما يتحصّل من معناه ـ هو الهيئة الحسنة التي ينبغي أن يقع عليه الفعل المشروع ، إمّا في الدين ، وإمّا عند العقلاء في مجتمعهم ؛ كآداب الدعاء وآداب ملاقاة الأصدقاء ، وإن شئت قلت : ظرافة الفعل . ۱
لا يصدق على كلّ استعمالات كلمة الأدب ، بل ينطبق على معناها الأوّل والثاني .

2 . أنواع الأدب ومراتبه

إنّ الأدب بمعنى رعاية القيم الأخلاقيّة والشرعيّة في القول والفعل له أنواع ومراتب ، نشرحها فيما يلي بإجمال :

أ ـ الأدب مع النّاس

وهو التعامل اللّائق مع الأفراد والفئات ، مع الأخذ بنظر الاعتبار مكانتهم العائليّة والاجتماعيّة ، وهو بدوره على أنواع : أدب التعامل مع الوالدين ، وأدب التعامل مع الأقارب ، وأدب التعامل مع الجيران والمرافقين ، وأدب التعامل مع الصديق ، وأدب التعامل مع العدوّ ، وأدب التعامل مع العالم ، وأدب التعامل مع أنبياء اللّه وأوصيائهم وأولياء اللّه ، وسيأتي شرح كلّ واحد من هذه الآداب إن شاء اللّه تحت عناوين خاصّة .

1.. الميزان في تفسير القرآن : ج ۶ ص ۲۵۶ ، اُنظر تمام الكلام .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
438

عن الإمام عليّ عليه السلام :
العَقلُ شَرعٌ مِن داخِلٍ ، وَالشَّرعُ عَقلٌ مِن خارِجٍ. ۱
فلو استطاع العقل أن يدرك الحقائق كما هي ، فإنّه يتوصّل دون شكّ إلى نفس النقطة التي وصل إليها الدين ، وعلى هذا الأساس قيل : «كلّ ما حكم به العقل حكم به الشّرع ، وكلّ ما حكم به الشّرع حكم به العقل» . ۲
وبهذه النظرة تتوحّد الآداب العقليّة والشرعيّة .
الثانية : إن السُّلوك الاجتماعيّ المغاير للشرع ليس له في الواقع قيمة أدبيّة ، إذ لو كان له قيمة أدبيّة فهو ـ كما أشرنا ـ لا يتعارض مع الشريعة ، فإضفاء صفة جماليّة على هذا اللّون من السلوك لا يعدو في الواقع أن يكون انحرافا نفسيّا ، والمبتلون بهذا السلوك هم ـ كما يقول القرآن الكريم ـ : «زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ»۳ .

ج ـ مطلق التّربية

قد ترد كلمة الأدب في النصوص الإسلاميّة بمعنى مطلق التربية ، وذلك حين توصف بصفة حسنة أو سيّئة مثل :
بِحُسنِ السِّياسَةِ يَكونُ الأَدَبُ الصّالِحُ. ۴
لا يَزالُ العَبدُ المُؤمِنُ يورِثُ أهلَ بَيتِهِ العِلمَ وَالأَدَبَ الصّالِحَ حَتّى يُدخِلَهُمُ الجَنَّةَ جَميعا ... ولا يَزالُ العَبدُ العاصي يورِثُ أهلَ بَيتِهِ الأدَبَ السَّيِّئَ حَتّى يُدخِلَهُمُ النّارَ جَميعا . ۵

1.موسوعة العقائد الإسلاميّة (المعرفة) : ج ۱ ص ۲۲۳ ح ۲۲۲ .

2.هذه وجهة نظر طبعا ، وللتعرّف على تفاصيل المسألة راجع : كتب اُصول الفقه، مبحث قاعدة الملازمة بين حكم العقل والشرع .

3.التوبة : ۳۷ .

4.راجع : ص ۴۹۳ ح ۹۸۳ .

5.. راجع : ص ۴۶۸ ح ۸۶۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294831
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي