فهي لا تعني بالتأكيد أنّ كلّ معارف القرآن واضحة لكلّ الناس على النحو الذي لا نحتاج فيه إلى البيان والتفسير ، بل تعني أنّ لمعارف القرآن مراتب وأنّ لكلّ إنسان حظّه منها على قدر قابليّته الفكرية واستعداده النفسي والوجودي ، بحيث ينهل من بيّنات هذا الكتاب الإلهي ويستمدّ من أنواره وفق تلك القابليّات ، كما ستأتي الإشارة إلى ذلك . ۱
2 . الاجتهاد في مقابل النصّ النبويّ
لقد انطلقت مبادرة النبيّ صلى الله عليه و آله وتصميمه على تدوين شيء يعصم الاُمّة ويحفظها من الضلال بعده ، لتفيد ـ دون التباس ـ أنّ القرآن وحدَه لا يمنع من الضلال ، والتجربة التاريخية لمسار الإسلام تؤيّد هذه الحقيقة .
على أنّه يكفي لبطلان هذه النظرية ـ أي حسبنا كتاب اللّه ـ أنّها تعبير عن اجتهاد بإزاء كلام النبيّ صلى الله عليه و آله الذي يقول فيه القرآن صراحة :
«وَ مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْىٌ يُوحَى » . ۲
كما ينصّ أيضاً بأنّ طاعته صلى الله عليه و آله هي طاعة اللّه سبحانه ۳ ، وأنّ الناس مكلّفون بإطاعة جميع أوامره وتنفيذ كلّ ما يصدر عنه . ۴
3 . إجماع الاُمّة الإسلامية على الحاجة إلى السنّة
يأتي إجماع المسلمين في العمل بالسنّة والتعاطي معها بوصفها المصدر الثاني للمعرفة الدينية إلى جوار القرآن ؛ ليكون دليلاً آخر على رفض هذه النظرية