529
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

أصغر المسائل المتعلّقة بالسلوك الفرديّ للمجتمع الإسلاميّ ، كيف لا يتلقّى مثل هذه الأوامر في واحدة من كبرى العبادات السياسيّة والاجتماعيّة في ديننا حتّى أنّه يبقى متحيّرا لا يعرف ماذا يفعل تجاه هذه المسألة مدّة عشرين يوما على ما جاء في بعض الروايات ، ومن ثمّ تنفرج الأزمة برؤيا واحدٍ أو أكثر من الصحابة ، توجب قرار النبيّ صلى الله عليه و آله وتشريع الأذان؟!
لا ريب في أنّ هذا الرأي لا يجتمع مع الاعتقاد بالنبوّة ، ومن هنا دعا الإمام الصادق عليه السلام القائلين بهذا الرأي إلى محاكمة عقلهم ووجدانهم ، واستنكر عليهم الجمع بين ما يرْوُون و بين الاعتقاد بنبوّة النبيّ صلى الله عليه و آله ونزول الوحي ، قال عليه السلام :
يَنزِلُ الوَحيُ عَلى نَبِيِّكُم ، فَتَزعُمونَ أنَّهُ أخَذَ الأَذانَ مِن عَبدِ اللّهِ بنِ زَيدٍ!! . ۱

2 . التّعارض مع حكمة الأذان

إنّ التأمّل في الأحاديث الكثيرة الواردة في مصادر الحديث الشيعيّة والسنيّة حول الأذان وفضائله وبركاته ۲ ، يشير بوضوح إلى أنّ فلسفة هذا العمل العباديّ العظيم لا تتعلّق بالإعلام عن أوقات الصلوات وحسب ، بل تتضمّن الكثير من الآثار الفرديّة والاجتماعيّة ، والدنيويّة والاُخرويّة ، فهل يمكن أن نصدّق بأنّ كلّ هذه الحِكَم والبركات كانت بسبب رؤيا عبد اللّه بن زيد؟! أو أنّ النبيّ صلى الله عليه و آله كان يعرف فلسفة الأذان وفضائله وآثاره ، لكنّه لم يطّلع عليه فصولاً وأجزاءً؟!

3 . تكذيب أهل البيت عليهم السلام لها

إنّ أهل البيت عليهم السلام فضلاً عن تأكيدهم على أنّ مصدر الأذان هو الوحي ، فقد

1.. راجع : ص ۵۲۱ ح ۱۰۵۳ .

2.. راجع : ص ۵۳۴ (حكمة الأذان) و ص ۵۱۴ (مكانة الأذان والمؤذّن) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
528

قال الزهري :
وزاد بلال في نداء صلاة الغداة : الصلاة خير من النوم ، فأقرّها رسول اللّه صلى الله عليه و آله ... . ۱
5 . وأخرج الترمذيّ في السنن عن سعيد بن يحيى بن سعيد الاُمويّ ، حدّثنا أبي ، حدّثنا محمّد بن إسحاق ، عن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التيميّ ، عن محمّد بن عبد اللّه بن زيد ، عن أبيه ، قال :
لَمّا أصبَحنا أتَينا رَسولَ اللّهِ صلى الله عليه و آله ، فَأَخبَرتُهُ بِالرُّؤيا ، فَقالَ : إنَّ هذِهِ لَرُؤيا حَقٍّ ، فَقُم مَعَ بِلالٍ فَإِنَّهُ أندى وأمَدُّ صَوتا مِنكَ ، فَأَلقِ عَلَيهِ ما قيلَ لَكَ ، وَليُنادِ بِذلِكِ ... .
قال الترمذيّ :
و قد روى هذا الحديث إبراهيم بن سعد ، عن محمّد بن إسحاق أتمّ من هذا الحديث وأطول ، وذكر فيه قصّة الأذان مثنى مثنى ، والإقامة مرّة مرّة ، وعبد اللّه بن زيد هو ابن عبد ربّه ، ويقال : ابن عبد ربّ ، ولا نعرف له عن النبيّ صلى الله عليه و آله شيئا يصحّ إلّا هذا الحديث الواحد في الأذان . ۲

ثانيا : نقد الرّوايات وتحليلها

إنّ مناقشة أسانيد الروايات المتقدّمة والتأمّل في نصّها ودلالتها وعرضها على روايات أهل البيت عليهم السلام ، لم يَدَع أدنى مجالٍ للشكّ والتردّد عند الباحث في وضعها . والّذي يدلّ على عدم صحّة هذه الروايات ما يلي :

1 . المنافاة مع مقام النّبوّة

إنّ الاعتقاد بكون مصدر تشريع الأذان هو رؤيا عبد اللّه بن زيد أو غيره ، يعني أنّ خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله الّذي يتلقّى الأوامر من عند اللّه تعالى عن طريق الوحي حتّى في

1.. سنن ابن ماجة : ج ۱ ص ۲۳۳ ح ۷۰۷ .

2.. سنن الترمذي : ج ۱ ص ۳۵۸ ح ۱۸۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294872
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي