يا قَتادَةُ! ذلِكَ مَن خَرَجَ مِن بَيتِهِ بِزادٍ وراحِلَةٍ وكِراءٍ حَلالٍ يَرومُ هذَا البَيتَ عارِفاً بِحَقِّنا يَهوانا قَلبُهُ ، كَما قالَ اللّهُ عز و جل : «فَاجْعَلْ أَفْئدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِى إِلَيْهِمْ»۱ ولَم يَعنِ البيت فَيقولُ : إلَيهِ ؛ فَنَحنُ وَاللّهِ دَعوَةُ إبراهيمَ عليه السلام الَّتي مَن هَوانا قَلبُهُ قُبِلَت حَجَّتُهُ ، وإلّا فَلا. يا قَتادَةُ ، فَإِذا كانَ كَذلِكَ كانَ آمِناً مِن عَذابِ جَهَنَّمَ يَومَ القِيامَةِ.
قالَ قَتادَةُ : لا جَرَمَ ۲ ، وَاللّهِ ، لا فَسَّرتُها إِلّا هكَذا.
فَقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : وَيحَكَ يا قَتادَةُ! إنَّما يَعرِفُ القُرآنَ مَن خوطِبَ بِهِ. ۳
3 . عدم ظهور ألفاظ القرآن
إنّ وجود عوامل من قبيل التقييد والتخصيص والتجوّز في أكثر ظواهر القرآن أدّى إلى انعدام ظهورها ، ومن ثَمَّ فإنّ ما يبدو ظاهراً من معاني القرآن ما هو إلّا تعبير عن ظهورٍ بَدَوي ، لا يلبث أن يزول بعد التأمّل . وفي الحصيلة ستغدو العودة إلى أهل البيت عليهم السلام ضرورية لفهم المعاني القرآنية .
ثانياً : نقدها
1 . نقد الدليل الأوّل
الدليل الأوّل الذي يتمسّك به الأخباريّون يتمثّل بحرمة التفسير بالرأي في الإسلام ، ولا ريب في أنّ التفسير بالرأي لا يجوز ؛ وفاقاً للروايات التي تمّ الإشارة إليها فيما سلف . ولكنَّ حرمة التفسير بالرأي لا تثبت مدّعى القوم ، لما يلي :
أوّلاً : إنّ حمل اللفظ على معناه الواضح لا يعدّ تفسيراً ؛ لأنّ معنى التفسير هو بيان المعنى غير الواضح والكشف عنه ۴ ، وبتعبير المحقّق الأنصاري : التفسير هو عبارة عن
1.إبراهيم : ۳۷.
2.لا جَرَمَ : هي كلمة كانت في الأصل بمنزلة «لابدّ» و «لامحالة» ، فجرت على ذلك وكثُرت حتّى تحوّلت إلى معنى القَسَم وصارت بمنزلة «حقّا» (الصحاح : ج ۵ ص ۱۸۸۶ «جرم») .
3.الكافي : ج ۸ ص ۳۱۱ ح ۴۸۵ ، بحار الأنوار : ج ۲۴ ص ۲۳۷ ح ۶ .
4.الفَسْر : الإبانة ، وكشف المغَطّى ، كالتفسير ، والفِعلُ كضَرَب ونَصَر (القاموس المحيط : ج ۲ = ص ۱۱۰ «فسر») .