531
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

ولا ينسجم مع اُصول الإسلام .
على أنّ أسانيدها غير قابلة للاعتماد ؛ لأنّها إمّا موقوفة ـ أي لا يتّصل سندها بالنبيّ صلى الله عليه و آله ـ وإمّا أنّ بعض رجالها الذين يقعون في سلسلة الأسناد مجهولون أو مجروحون أو ضعفاء أو متروكون ۱ .
من هنا ، فإنّ ما ذكره الحاكم في المستدرك بأنّ علّة عدم إخراج حديث عبد اللّه بن زيد في الصحيحين هو اختلاف الناقلين في أسانيده ۲ ، يمكن أن يكون واحدا من أسبابٍ عدّة ، ولعلّ بعض الوجوه الاُخرى التي ذُكرت آنفا كانت أيضا سببا في عدم إخراج حديثه في الصحيحين .

ثالثا : الغرض من وضع حديث عبد اللّه بن زيد

لا يمكن إبداء وجهة نظر قاطعة حول الغرض من وضع هذا الحديث ، غير أنّ بعض المحقّقين يرجّح احتمال وضعه من قبل عمومة عبد اللّه بن زيد ، قال مبيّنا ذلك :
ومن القريب جدّا أنّ عمومة عبد اللّه بن زيد هم الذين أشاعوا تلك الرؤيا وروّجوها ؛ لتكون فضيلة لبيوتاتهم وقبائلهم ، ولذلك نرى في بعض المسانيد أنّ بني عمومته هم رواة هذا الحديث ، وأنّ من اعتمد عليهم إنّما كان لحسن ظنّه بهم. ۳
وإنّنا نرى أنّ وضع هذا الحديث لا يخلو من أغراضٍ سياسيّة ، حاله حال الكثير من الأحاديث الموضوعة ، وقد أسلفنا آنفا ۴ أنّ الأذان فضلاً عن كونه تذكيرا بأحد أهمّ الواجبات الفرديّة وإعلاما لأوقاتها ، فهو شعار سياسيّ

1.. راجع : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف : ص ۱۴۰ ـ ۱۴۳ .

2.. المستدرك على الصحيحين : ج ۳ ص ۳۷۹ .

3.. الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف : ص ۱۳۶ .

4.. راجع : ص ۵۱۳ (حكمة الأذان / الحكمة الاجتماعيّة) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
530

صرّحوا بتكذيب الروايات والأخبار التي تجعل الرؤيا مصدرا لتشريع الأذان ، وعدّوها منافية للإيمان بالنبوّة ، وإذا لم يكن ثمّة دليل على إثبات عدم صحّة تلك الروايات ووضعها ، فإنّ نفي أهل البيت عليهم السلام لها يكفي في المقام ؛ لأنّ «أهل البيت أدرى بما في البيت» . ولا يقتصر ردّها ونفيها على أهل البيت عليهم السلام وحدهم ، بل يتعدّى ذلك إلى أشخاص آخرين ؛ مثل محمّد بن الحنفيّة الّذي صرّح ببطلانها .
روى برهان الدين الحلبيّ عن أبي العلاء ، قال :
قلت لمحمّد بن الحنفيّة : إنّا لنتحدّث أنّ بدء هذا الأذان كان من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه . ففزع لذلك محمّد بن الحنفيّة فزعا شديدا ، وقال : عمدتم إلى ما هو الأصل في شرائع الإسلام ومعالم دينكم فزعمتم أنّه إنّما كان من رؤيا رآها رجل من الأنصار في منامه تحتمل الصدق والكذب ، وقد تكون أضغاث أحلام؟! قال : فقلت له : هذا الحديث قد استفاض في الناس؟ قال : هذا واللّه هو الباطل ... . ۱

4 . وجوه اُخرى

إنّ الّذي ذكرناه من نقد مضمون الروايات التي تقول : إنّ بدء تشريع الأذان لم يستند إلى الوحي ، يكفي لإثبات عدم اعتبارها ، غير أنّه ذُكرت بعض الوجوه الاُخرى لإثبات هذا المدّعى ، مثل : التعارض الجوهريّ في مضمون هذه الروايات ، وعدد الذين يدّعون الرؤيا ۲ ، وتعارضها مع نقل البخاري وغيره ۳ .
بناءً على ذلك ، فلو فرضنا أنّ أسانيد هذه الروايات صحيحة اصطلاحا ، فليس ثَمّة أدنى ريب في رفضها وردّها ؛ ذلك لأنّ مضمونها لا يتوافق مع العقل السليم ،

1.. السيرة الحلبيّة : ج ۲ ص ۹۶ .

2.. نُقل أن الّذين ادّعوا الرؤيا أربعة عشر شخصا (راجع : السيرة الحلبيّة : ج ۲ ص ۹۶) .

3.. راجع : الإنصاف في مسائل دام فيها الخلاف : ص ۱۳۵ ـ ۱۳۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294775
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي