2 . نقد الدليل الثاني
لا ريب في أنّ لمعارف القرآن مراتب ، والإحاطة بها كاملة هو ممّا يختصّ به أهل البيت عليهم السلام . ۱ بيد أنّ هذا لا يعني أنّ معارف القرآن أرفع من فهم عامّة الناس مطلقاً ، وأنّه لا يجوز للعلماء والباحثين في المعرفة الدينية العودة إلى نصّ القرآن ؛ وذلك :
أولاً : إنّ القرآن الكريم نفسه يسجّل صراحة :
«هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ» . ۲
ويحثّ الناس على التدبّر بآياته :
«كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُواْ ءَايَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ الْأَلْبَابِ» . ۳
كما يعود لتأنيب من لا يتدبّر به ، وينعته بقوله :
«أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» . ۴
والتساؤل الذي ينبلج من ثنايا هذه النصوص الكريمة ، هو : كيف يكون هذا الكلام الذي يسمّى «بياناً» غير مفهوم للناس؟ وكيف تجوز دعوتهم إلى التدبّر به وتوبيخ من يتخلّف عن ذلك ، وهو غير مفهوم لهم؟
ثانياً : إنّ الزعم بأنّ القرآن الكريم مبهم يتعارض مع كونه معجزاً ، فإنّما يكون الكلام معجزاً قادراً على إثبات ارتباط من جاء به باللّه سبحانه ، إذا كان قابلاً للفهم ممّن له معرفة بلغة ذلك الكلام ، أمّا الكلام الذي يستعصي إدراكه على عامّة الناس ، فلا أثر فيه للمعجزة ، ولا يصبح دليلاً لإثبات النبوّة .
ثالثاً : عرض السنّة على القرآن هو أحد المعايير لتمييز الحديث الصحيح عن غير الصحيح ، وفاقاً لما جاء في روايات كثيرة عن أهل البيت عليهم السلام ، فروي عن النبيّ صلى الله عليه و آله :