55
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

2 . نقد الدليل الثاني

لا ريب في أنّ لمعارف القرآن مراتب ، والإحاطة بها كاملة هو ممّا يختصّ به أهل البيت عليهم السلام . ۱ بيد أنّ هذا لا يعني أنّ معارف القرآن أرفع من فهم عامّة الناس مطلقاً ، وأنّه لا يجوز للعلماء والباحثين في المعرفة الدينية العودة إلى نصّ القرآن ؛ وذلك :
أولاً : إنّ القرآن الكريم نفسه يسجّل صراحة :
«هَـذَا بَيَانٌ لِّلنَّاسِ» . ۲
ويحثّ الناس على التدبّر بآياته :
«كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُواْ ءَايَاتِهِ وَ لِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ الْأَلْبَابِ» . ۳
كما يعود لتأنيب من لا يتدبّر به ، وينعته بقوله :
«أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْءَانَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا» . ۴
والتساؤل الذي ينبلج من ثنايا هذه النصوص الكريمة ، هو : كيف يكون هذا الكلام الذي يسمّى «بياناً» غير مفهوم للناس؟ وكيف تجوز دعوتهم إلى التدبّر به وتوبيخ من يتخلّف عن ذلك ، وهو غير مفهوم لهم؟
ثانياً : إنّ الزعم بأنّ القرآن الكريم مبهم يتعارض مع كونه معجزاً ، فإنّما يكون الكلام معجزاً قادراً على إثبات ارتباط من جاء به باللّه سبحانه ، إذا كان قابلاً للفهم ممّن له معرفة بلغة ذلك الكلام ، أمّا الكلام الذي يستعصي إدراكه على عامّة الناس ، فلا أثر فيه للمعجزة ، ولا يصبح دليلاً لإثبات النبوّة .
ثالثاً : عرض السنّة على القرآن هو أحد المعايير لتمييز الحديث الصحيح عن غير الصحيح ، وفاقاً لما جاء في روايات كثيرة عن أهل البيت عليهم السلام ، فروي عن النبيّ صلى الله عليه و آله :

1.راجع : ص ۶۵ (المرحلة الرابعة: معرفة حقائق القرآن) .

2.آل عمران : ۱۳۸ .

3.ص : ۲۹ .

4.محمّد : ۲۴ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
54

«كشف القناع» ۱ . وبالنتيجة لا يعدّ حمل اللفظ على معناه الظاهر ، كشفاً لأمر مستور .
ثانياً : حتّى لو سُمّي حمل اللفظ على معناه الظاهر تفسيراً ، فإنّ هذه الممارسة لا تدخل في مجال التفسير بالرأي ؛ لأنّ إبداء الرأي يصدق في المواضع التي لا يكون معنى الآية فيها واضحاً ، فعندئذ يقول المفسّر : «هذا هو المقصود ، بحسب رأيي» ، أمّا في المواضع التي يكون المعنى اللغوي والعرفي فيها واضحاً ؛ فإنّ المفسّر لا يأتي بالرأي من عنده ، ولا موضوع لرأيه أو نظره الخاصّ لكي يقحمه على القرآن ويحمله عليه .
بعبارة أوضح : إنّ المفسّر إنّما يعبّر عن معنى الآية ومقصدها في التفسير ، لا عن رأيه ومنظاره الخاصّ ، وعليه فإنّ المقصود من حرمة التفسير بالرأي هو تحميل الآراء المبتنية على الحدس والظنّ والاستحسان على القرآن ، وهذا لا يشمل حمل ألفاظ القرآن على معانيها اللغوية والعرفية الواضحة . ۲
يؤيّد هذا الادّعاء ويعزّزه الأحاديث التي علّم فيها أهل البيت عليهم السلام أصحابهم منهاج استخراج أحكام الإسلام واستنباطها من القرآن ، كرواية عبد الأعلى التي يقول فيها :
قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّهِ عليه السلام : عَثَرتُ فَانقَطَعَ ظُفري فَجَعَلتُ عَلى إصبَعي مَرارَةً ، فَكَيفَ أصنَعُ بِالوُضوءِ؟
قالَ : يُعرَفُ هذا وأشباهُهُ مِن كِتابِ اللّهِ عز و جل : «مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ»۳ ، اِمسَح عَلَيهِ. ۴

1.فرائد الاُصول : ج ۱ ص ۵۷ .

2.لمزيد من الإيضاح راجع : كتاب فرائد الاُصول / الأمارات المعتبرة في استنباط الأحكام الشرعيّة من ألفاظ الكتاب والسنّة .

3.الحجّ : ۷۸ .

4.الكافي : ج ۳ ص ۳۳ ح ۴ ، تهذيب الأحكام : ج ۱ ص ۳۶۳ ح ۱۰۹۷ ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۲۷۷ ح ۳۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294790
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي