إنَّ عَلى كُلِّ حَقٍّ حَقيقَةً ، وعَلى كُلِّ صَوابٍ نوراً ؛ فَما وافَقَ كِتابَ اللّهِ فَخُذوهُ ، وما خالَفَ كِتابَ اللّهِ فَدَعوهُ. ۱
ومن البديهي أنّ نصب القرآن معياراً لتمييز السنّة الصحيحة عن غيرها ، إنّما يرتكز على قاعدة تفيد بإمكان بلوغ معانيه وحجّية ظواهره ، وإلّا إذا كان الشيء نفسه مبهماً وغير قابل للفهم ، فلا يمكن جعله معياراً لمعرفة غيره .
رابعاً : نفت بعض الروايات صراحة أن يكون القرآن مبهماً وغير قابل للفهم . فعلى سبيل المثال : روي عن أبي لبيد البحراني ، عن الإمام الباقر عليه السلام ، قوله :
فَمَن زَعَمَ أنَّ كِتابَ اللّهِ مُبهَمٌ فَقَد هَلَكَ وأهلَكَ. ۲
يتّضح ممّا سلف أنّ الروايات التي تحصر فهم معارف القرآن بأهل البيت عليهم السلام ، إنّما تقصد بذلك ـ على فرض صحّة السند وسلامته ـ الإحاطة الشاملة بجميع معارفه الظاهرية والباطنية ، على ما صرّح بهذا المعنى عدد وافر من الروايات . والحقيقة أنّ هذه الروايات صدرت في حقِّ اُناس أداروا ظهورهم لمرجعية أهل البيت العلمية ، ورأوا أنفسهم مستغنين عن طريقة عترة النبيّ ومنهاجهم المعرفيّ في التعاطي مع معارف القرآن .
3 . نقد الدليل الثالث
على ضوء ما سلف يضحى بطلان الدعوى التي تزعم بأنّ ألفاظ القرآن مبهمة أمراً واضحاً ، بل بديهيّاً لا مراء فيه ؛ لما يلي :
أوّلاً : وجود التقييد والتخصيص والتجوّز في أكثر الآيات ، ما هو سوى دعوى