57
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

محضة يخالفها الواقع .
ثانياً : ما ذكرناه في نقد الدليل الثاني من أدلّة الاتّجاه الأخباري ، يعدّ كافياً لإثبات إمكان تعامل عامّة الناس مع معارف القرآن ، وبخاصّة العلماء والباحثين .
ثالثاً : السنّة كالقرآن من حيث اشتمالها على الناسخ والمنسوخ ، والخاصّ والعامّ ، والمحكم والمتشابه . وفيهذا السياق روى سُليم بن قيس عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ، قوله :
إنَّ أمرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله مِثلُ القُرآنِ ناسِخٌ ومَنسوخٌ ، وخاصٌّ وعامٌّ ، ومُحكَمٌ ومُتَشابِهٌ ، قَد كانَ يَكونُ مِن رَسولِ اللّهِ صلى الله عليه و آله الكَلامُ لَهُ وَجهانِ : كَلامٌ عامٌّ ، وكَلامٌ خاصٌّ مِثلُ القُرآنِ. ۱
على ضوء ذلك ، إذا كان الدليل الثالث من أدلّة الأخباريّين صحيحاً ، فينبغي القول عندئذٍ إنّ السنّة لا يمكنها أن تزيل إبهام القرآن وتعالج هذه المعضلة ، بل ينبغي مماشاة المحدّث الأسترآبادي فيما ذهب إليه من أنّ الأحاديث النبوية هي كآيات القرآن ، قد جاءت على أساس الرمز والتعمية ، ومن ثَمّ فإنّ مفتاح علاج هذا المعضل يكمن بالأحاديث الواردة عن أهل البيت عليهم السلام .
وخلاصة ما يساق في جواب الدليل الثالث من أدلّة الأخباريّين ، هو أنّ وجود التخصيص والتقييد والنسخ وأمثاله في القرآن والسنّة لا يوجب عدم انعقاد الظهور في ألفاظهما أو عدم دوامه ، وإنّما يتحوّل إلى باعث للزوم الفحص في موارد احتمال وجود المخصّص والمبيّن . ۲

النظرية الثالثة : الحاجة المحدودة إلى السنّة

تشير وقائع التاريخ الإسلامي إلى أنّ النظرية الاُولى انتهت إلى مهجورية السنّة ، في

1.الكافي : ج ۱ ص ۶۳ ح ۱ ، الخصال : ص ۲۵۶ ح ۱۳۱ ، تحف العقول : ص ۱۹۵ .

2.راجع : فرائد الاُصول : ج ۱ ص ۵۷ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
56

إنَّ عَلى كُلِّ حَقٍّ حَقيقَةً ، وعَلى كُلِّ صَوابٍ نوراً ؛ فَما وافَقَ كِتابَ اللّهِ فَخُذوهُ ، وما خالَفَ كِتابَ اللّهِ فَدَعوهُ. ۱
ومن البديهي أنّ نصب القرآن معياراً لتمييز السنّة الصحيحة عن غيرها ، إنّما يرتكز على قاعدة تفيد بإمكان بلوغ معانيه وحجّية ظواهره ، وإلّا إذا كان الشيء نفسه مبهماً وغير قابل للفهم ، فلا يمكن جعله معياراً لمعرفة غيره .
رابعاً : نفت بعض الروايات صراحة أن يكون القرآن مبهماً وغير قابل للفهم . فعلى سبيل المثال : روي عن أبي لبيد البحراني ، عن الإمام الباقر عليه السلام ، قوله :
فَمَن زَعَمَ أنَّ كِتابَ اللّهِ مُبهَمٌ فَقَد هَلَكَ وأهلَكَ. ۲
يتّضح ممّا سلف أنّ الروايات التي تحصر فهم معارف القرآن بأهل البيت عليهم السلام ، إنّما تقصد بذلك ـ على فرض صحّة السند وسلامته ـ الإحاطة الشاملة بجميع معارفه الظاهرية والباطنية ، على ما صرّح بهذا المعنى عدد وافر من الروايات . والحقيقة أنّ هذه الروايات صدرت في حقِّ اُناس أداروا ظهورهم لمرجعية أهل البيت العلمية ، ورأوا أنفسهم مستغنين عن طريقة عترة النبيّ ومنهاجهم المعرفيّ في التعاطي مع معارف القرآن .

3 . نقد الدليل الثالث

على ضوء ما سلف يضحى بطلان الدعوى التي تزعم بأنّ ألفاظ القرآن مبهمة أمراً واضحاً ، بل بديهيّاً لا مراء فيه ؛ لما يلي :
أوّلاً : وجود التقييد والتخصيص والتجوّز في أكثر الآيات ، ما هو سوى دعوى

1.الكافي : ج ۱ ص ۶۹ ح ۱ عن السكوني عن الإمام الصادق عليه السلام ، الأمالي للصدوق : ص ۴۴۹ ح ۶۰۸ ، المحاسن : ج ۱ ص ۳۵۴ ح ۷۴۹ كلاهما عن السكوني عن الإمام الصادق عن آبائه عن الإمام عليّ عليهم السلام ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۲۴۳ ح ۴۴ .

2.المحاسن : ج ۱ ص ۴۲۱ ح ۹۶۴ ، بحار الأنوار : ج ۹۲ ص ۹۰ ح ۳۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294764
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي