73
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

ولكنّ المتن لم يصدر ، وأنّ الراوي أو الناسخ قد وقع في خطأ ، وقد يكون السند ضعيفاً ، في حين أنّ المتن قد صدر عن المعصوم .
ومن الطبيعي أنّ حجّية الحديث الصحيح وعدم حجّية الحديث الضعيف في المسائل الفقهية موضوع آخر يخرج عن نطاق هذا البحث .
إنّ السؤال المهمّ الآخر الذي يستدعي الإشارة إليه هنا هو : هل ينبغي أن تُهمل الأحاديث التي تعدّ ضعيفة من حيث السند ولا تحظى بالقوّة اللازمة ، وتُحذف من المصادر الروائية؟
جواب هذا السؤال هو النفي أيضاً ، وفقاً لما سلفت الإشارة إليه من أنّ ضعف السند لا يعدّ دليلاً على عدم الصدور ، فإنّ حذف الأحاديث التي تعاني مشكلة من جهة السند سيفضي إلى حرمان المجتمع من جزء أساسيّ من تعاليم النبيّ وأهل بيته ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ على صعيد مختلف المجالات الثقافية .
والسؤال الأخير الذي يفرض نفسه في هذا المجال : هل يمكن التعامل مع الأحاديث الضعيفة السند بوصفها تمثّل تعاليم النبيّ والأئمّة المعصومين ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ وعرضها على المجتمع على هذا الأساس؟
الجواب على هذا السؤال هو النفي أيضاً ، فبملاحظة الماضي المؤسف الذي أحاط تاريخ تدوين الحديث ، وما حفل به هذا المسار من أحاديث موضوعة دسّها محترفو السياسة خلال التاريخ الإسلامي ، بملاحظة ذلك كلّه تصبح عملية العرض المجرّد للنصوص الروائية من دون تقويم علمي ، ليست غير نافعة فحسب ، وإنّما ستتحوّل إلى عملية خطيرة جدّاً .
على هذا الضوء لا يمكن التعاطي مع الأحاديث الضعيفة السند من موقع القبول المطلق لها ، كما لا يمكن التعامل معها أيضاً من موقع الرفض المطلق ، بديهي ثَمّة


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
72

الدراسة والبحث في مضامين الروايات الإسلامية ومحتواها أن يُثبت صحّة انتسابها إلى أهل بيت النبيّ ، ممّا يملي عليه أن يتوفّر على جملة من المؤهّلات والخصائص والمعارف التي تضمن له تأمين هذا الهدف . وهذه المقوّمات هي :

1 . علم الرجال

وهو علمٌ يتناول بالدرس والتحليل أحوال رواة الحديث وخصائصهم ممّا له تأثير في قبول الحديث أو ردّه ، ومعرفته تعدّ ضرورية للباحث في شؤون الحديث .

2 . علم الدراية

وهو علم يتناول بالدرس والتحليل خصوصيّات السند ، من قبيل الاتّصال والانقطاع ، والصحّة والضعف ، والإسناد والإرسال ، أو خصوصيّات المتن من قبيل ما إذا كان نصّاً أو ظاهراً ، ومجملاً أو مبيّناً ، ومحكماً أو متشابهاً . هذا العلم يعدّ هو الآخر ضروريّاً للباحث في علوم الحديث .

3 . التخصّص في نقد المتن وتقويمه

يؤهّل علم الرجال الباحثَ لمعرفة خصائص الرواة واحداً فواحداً ، على حين ينهض علم الدراية ببيان صحّة السند وسقمه بالإضافة إلى الكشف عن طبيعة دلالة الحديث ، بيد أنّ السؤال الذي ينبثق في هذا السياق هو : هل يكفينا الاستناد إلى هذين العلمين في أن نحكم على حديثٍ مّا لم تثبت نسبته إلى أهل البيت عليهم السلام بالتواتر ، على النحو الذي نقطع بنسبته إليهم أو ننفي صدوره عنهم قطعياً؟
وبتعبير آخر : هل يعدّ صحّة سند الحديث دليلاً على صدوره القطعي ، وضعف السند دليلاً على عدم صدوره قطعياً ، أو لا؟
لا ريب في أنّ جواب الصيغتين كلتيهما هو النفي ؛ فقد يكون السند صحيحاً ،

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294913
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي