77
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

اشمَأَزَّت مِنهُ قُلوبُكُم وأنكَرتُموهُ ، فَرُدّوهُ إلَى اللّهِ وإلَى الرَّسولِ وإلَى العالِمِ مِن آلِ مُحمَّدٍ . ۱
عند هذا المنعطف يمكن إثارة السؤال التالي : سلّمنا أنّه لا يصحّ نسبة كلام يتعارض مع العقل إلى النبيّ وأهل بيته ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ لكن هل يمكن القول في المقابل بأنّ كلّ ما جاء موافقا للعقل والفطرة ومنسجما معهما فهو كلام صادر عنهم عليهم السلام ؟
الجواب هو النفي أيضاً ، لكن يمكن القول بأنّ اتّساق الحديث مع الفطرة والعقل ، قرينة تأخذ مكانها إلى جوار القرائن الاُخرى ، قد توجب ظنّ الباحث أو اطمئنانه بالصدور .

3 . القرائن الأخرى

إنّ المعيارين المشار إليهما آنفاً هما أبرز موازين تمحيص متن الحديث ونقده ، أمّا بشأن القرائن الاُخرى التي يمكن أن تعين الباحث في هذا المجال ـ من قبيل مدى التوافق أو التعارض مع اُصول الإسلام ومبادئه الثابتة ، أو مع بقية الأحاديث ممّا يمكنه أن يساعد في البتّ بصحّة الحديث أو سقمه ، وكذلك ما يحظى به النصّ نفسه من قوّة أو ضعف ـ فهي ترجع في الحقيقة إلى المعايير السابقة ، على ما سيأتي توضيحه أكثر إن شاء اللّه . لكن ثَمّة نقاط من الضروري الإشارة إليها في هذا المجال ، هي :
الاُولى : إنّ معايير نقد الحديث عموماً دلائل وقرائن عقلية ، وما جاء في الروايات بهذا الشأن إرشاد لحكم العقل .

1.الكافي : ج ۱ ص ۴۰۱ ح ۱ ، مختصر بصائر الدرجات : ص ۱۰۶ ، الخرائج والجرائح : ج ۲ ص ۷۹۳ كلّها عن جابر بن يزيد عن الإمام الباقر عليه السلام ، بحار الأنوار : ج ۲ ص ۱۸۹ ح ۲۱.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
76

مع الفطرة وأحكام العقل القطعية .
فالإسلام دين الفطرة والمنطق والعقل ، والعقل من منظار هذا الدين الإلهي هو حجّة اللّه الباطنة على الخلق ۱ . وعلى هذا الضوء لا يمكن أن ننسب الكلام الذي يتعارض مع حكم عقلي قطعي جليّ إلى النبيّ الأعظم والأئمّة الكرام .
في الوقت ذاته ينبغي أن نلفت النظر إلى أنّ هذا الكلام لا يعني أنّ كلّ ما يعجز العقل عن إدراك حقيقته ، ليس من الإسلام في شيء ـ مردّ ذلك أنّ العقل مع إثباته وجود الحقائق الغيبية عاجز عن إدراك كنهها ـ إنّما معناه إذا كشف العقل بطلان كلام بنحو قطعي ، فلا صحّة لنسبته إلى النبيّ والأئمّة .
وبتعبير آخر : يمكن القول : إنّ ثَمّ في التعاليم والمكوّنات الدينية ما هو فوق العقل ، ولكن ليس ضدّ العقل ، وعندئذٍ لا حقيقة لما يُنسب إلى الإسلام ممّا يتعارض مع العقل والفطرة .
على ضوء ذلك كلّه ، يشير النصّ النبوي الكريم التالي إلى هذا المعيار ، بقوله صلى الله عليه و آله :
إذا سَمِعتُمُ الحَديثَ عَنّي تَعرِفُهُ قُلوبُكُم وتَلينُ لَهُ أشعارُكُم وأبشارُكُم ، وتَرَونَ أنَّهُ مِنكُم قَريبٌ ؛ فَأَنَا أولاكُم بِهِ ، وإذا سَمِعتُمُ الحَديثَ عَنّي تُنكِرُهُ قُلوبُكُم وتَنفِرُ مِنهُ أشعارُكُم وأبشارُكُم ، وتَرَونَ أنَّهُ مِنكُم بَعيدٌ ؛ فَأَنَا أبعَدُكُم مِنهُ. ۲
وفي حديث آخر حثّ النبيّ صلى الله عليه و آله الاُمّة على ردّ هذا الضرب من الأحاديث إلى العالِم من آل محمّد صلى الله عليه و آله ، والرجوع إليه في نقده وتحليله وتقويمه :
ما وَرَدَ عَلَيكُم مِن حَديثِ آلِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله فَلانَت لَهُ قُلوبُكُم وعَرَفتُموهُ فَاقبَلوهُ ، ومَا

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلامية (المعرفة) : ج ۱ ص ۱۵۵ (القسم الثاني : العقل) .

2.مسند ابن حنبل : ج ۹ ص ۱۵۴ ح ۲۳۶۶۷ وج ۵ ص ۴۳۴ ح ۱۶۰۵۸ ، صحيح ابن حبّان : ج ۱ ص ۲۶۴ ح ۶۳ ، موارد الظمآن : ص ۵۱ ح ۹۲ ، الطبقات الكبرى : ج ۱ ص ۳۸۷ كلّها عن أبي حميد وأبي اُسيد ، كنزالعمّال : ج ۱ ص ۱۷۹ ح ۹۰۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294714
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي