اشمَأَزَّت مِنهُ قُلوبُكُم وأنكَرتُموهُ ، فَرُدّوهُ إلَى اللّهِ وإلَى الرَّسولِ وإلَى العالِمِ مِن آلِ مُحمَّدٍ . ۱
عند هذا المنعطف يمكن إثارة السؤال التالي : سلّمنا أنّه لا يصحّ نسبة كلام يتعارض مع العقل إلى النبيّ وأهل بيته ـ صلوات اللّه عليهم أجمعين ـ لكن هل يمكن القول في المقابل بأنّ كلّ ما جاء موافقا للعقل والفطرة ومنسجما معهما فهو كلام صادر عنهم عليهم السلام ؟
الجواب هو النفي أيضاً ، لكن يمكن القول بأنّ اتّساق الحديث مع الفطرة والعقل ، قرينة تأخذ مكانها إلى جوار القرائن الاُخرى ، قد توجب ظنّ الباحث أو اطمئنانه بالصدور .
3 . القرائن الأخرى
إنّ المعيارين المشار إليهما آنفاً هما أبرز موازين تمحيص متن الحديث ونقده ، أمّا بشأن القرائن الاُخرى التي يمكن أن تعين الباحث في هذا المجال ـ من قبيل مدى التوافق أو التعارض مع اُصول الإسلام ومبادئه الثابتة ، أو مع بقية الأحاديث ممّا يمكنه أن يساعد في البتّ بصحّة الحديث أو سقمه ، وكذلك ما يحظى به النصّ نفسه من قوّة أو ضعف ـ فهي ترجع في الحقيقة إلى المعايير السابقة ، على ما سيأتي توضيحه أكثر إن شاء اللّه . لكن ثَمّة نقاط من الضروري الإشارة إليها في هذا المجال ، هي :
الاُولى : إنّ معايير نقد الحديث عموماً دلائل وقرائن عقلية ، وما جاء في الروايات بهذا الشأن إرشاد لحكم العقل .