79
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

مرّت الإشارة إليها فيما سلف ، هو الآخر له حظ وافر في نقد النصوص وتمحيصها ، وهو ما نطلق عليه «نور البصيرة» .
هذه البصيرة المنوّرة ، مضافاً إلى ما تنهض به من إعانة الباحث على معرفة السنّة الصحيحة وتيسير السبيل أمامه ، فهي بنفسها تتحوّل إلى أرضية تهب صاحبها قدرة استنباط الأحكام الإلهية من الكتاب والسنّة على نحو صحيح ، وهذه هي القوّة القدسية الإلهية التي تحدّث عنها الشهيد الثاني ۱ وجعلها العمدة لاستنباط الأحكام ، بالإضافة إلى المهارة في علمي الفقه والاُصول وبقيّة المقدّمات اللازمة . فبعد أن يبيّن الشهيد الثاني أقسام العلوم الشرعية والترتيب اللازم لتحصيلها ، يذكر أنّ التمكّن من المقدّمات والعلوم التمهيدية اللازمة للاجتهاد لا يكفي وحدَه لاستنباط الأحكام وردّ الفروع إلى الاُصول ، حيث يكتب :
ولا يكفي ذلك كلّه إلّا بهبة من اللّه تعالى إلهية وقوّة منه قدسية توصله إلى هذه البغية ، وتبلّغه هذه الرتبة ، وهي العمدة في فقه دين اللّه تعالى ، ولا حيلة للعبد فيها ، بل هي منحة إلهية ونفحة ربّانية يخصّ بها من يشاء من عباده ، إلّا أنّ للجدّ والمجاهدة والتوجّه إلى اللّه تعالى والانقطاع إليه أثراً بيّناً في إفاضتها من الجناب القدسي :
«وَ الَّذِينَ جَاهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَ إِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ»۲ . ۳

1.الشيخ زين الدين بن عليّ العامليّ المعروف بالشهيد الثاني (۹۱۱ ـ ۹۶۵ ه ق) . قال رضوان اللّه تعالى عليه في كتابه «شرح اللمعة» ج ۳ ص ۶۶ ـ في بيان شروط الإفتاء ـ : «... نعم يشترط مع ذلك كلّه أن يكون له قوّة يتمكّن بها من ردّ الفروع إلى اُصولها واستنباطها منها ، وهذه هي العمدة في هذا الباب ، وإلّا فتحصيل تلك المقدّمات قد صارت في زماننا سهلة ؛ لكثرة ما حقّقه العلماء والفقهاء فيها وفي بيان استعمالها ، وإنّما تلك القوّة بيد اللّه تعالى يؤتيها من يشاء من عباده على وفق حكمته ومراده ، ولكثرة المجاهدة والممارسة لأهلها مدخل عظيم في تحصيلها ، «وَ الَّذِينَ جَـهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا»» .

2.العنكبوت : ۶۹.

3.منية المريد : ص ۳۸۷ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
78

الثانية : إنّ حصول الاطمئنان بصدور الحديث أو عدمه عن طريق تمحيص المتن وتقويمه عملية يمكن أن تتمّ بالاستناد إلى قرينة أو مجموعة قرائن ، وما أكثر ما تتحوّل القرائن إلى موجبٍ للظنّ بالصدور أو عدمه .
النقطة الثالثة : في موسوعة معارف الكتاب والسنّة بُذلت مساعي كثيرة لكيلا يأخذ الحديث المجعول قطعا أو ظنّا طريقه إلى الموسوعة ، ومن جهة اُخرى بذلت الموسوعة قصارى جهدها لكي يحصل للباحث نوع من الاطمئنان بصدور الأحاديث التي ضمّتها الأبواب المختلفة ، لكن يبقى كلّ حديث على حدة في حِلٍّ من مسؤولية مصادره .
ولهذا نوصي بصورة أكيدة جميع الذين يريدون نقل أحاديث أهل البيت عليهم السلام سواء عن هذه الموسوعة أو عن غيرها من كتب الحديث أن يراعوا الأدب في النقل وفي كيفية نسبة الحديث الى قادة الدين ، وهذا الأدب عبارة عما جاء فيما رواه الشيخ الكليني عن أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال :
إِذَا حَدَّثْتُمْ بِحَدِيثٍ فَأَسْنِدُوهُ إِلَى الَّذِي حَدَّثَكُمْ فَإِنْ كَانَ حَقّاً فَلَكُمْ وَ إِنْ كَانَ كَذِباً فَعَلَيْه ۱
وعلى هذا ولأجل رعاية الاحتياط نوصي وبتأكيد جميع الذين يريدون نقل أحاديث أهل البيت عليهم السلام سواء عن هذه الموسوعة أو عن غيرها من كتب الحديث أن لا ينسبوها الى النبي صلى الله عليه و آله وأهل بيته بصورة مباشرة ، وإنما ينسبوه اليهم عن طريق المصدر الذي رواه ، وعلى سبيل المثال : لا يقال : «قال النبي صلى الله عليه و آله كذا» أو «قال الإمام عليه السلام كذا» ، بل يقال : «روى في كتاب كذا عن النبي صلى الله عليه و آله أنه قال» ، أو «أن الإمام عليه السلام قال كذا» .
ولا يخفى أن العون والمدّ الالهي إلى جوار المجالات التخصّصية الثلاثة التي

1.. الكافي : ج ۱ ص ۵۲ ح ۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294976
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي