81
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1

فالباحث الذي يحظى بنور البصيرة ، بالإضافة إلى ما يتحلّى به من مهارات في علم الرجال والدراية والتخصّص في تمحيص متن الحديث ونقده ، يستطيع دون شكّ أن يبلغ حقيقة الإسلام الأصيل عن طريق القرآن والحديث ، لكن ينبغي الالتفات إلى أنّ هذا لا يعني إسباغ العصمة على الباحث وأنّه مصون من الخطأ ، بل معناه أنّه كلّما ازداد تخصّصه وارتقى مستوى نور البصيرة لديه ، قلّل ذلك من مستوى خطئه .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
80

سبيل الحصول على نور البصيرة

يمكن كسب نور البصيرة عن طريقين :
يتمثّل الطريق الأوّل لبلوغ هذا النور بتحصيل التقوى ، ففي طليعة المكاسب الكبيرة والبركات العظيمة التي تثمرها التقوى ، نورية النفس واستضاءة الداخل ، وأن يغمر نور البصيرة وجود الإنسان وكيانه .
لقد تحدّث القرآن عن هذه الحقيقة بصراحة ، في قوله تعالى :
«يَـأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا» . ۱
وقوله سبحانه :
«يَأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَ ءَامِنُواْ بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَ يَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ» . ۲
أمّا الطريق الثاني لكسب البصيرة فيتمثّل بالاستمداد من اللّه سبحانه تماماً ، كما يتحدّث عن ذلك الإمام السجّاد عليه السلام في إحدى مناجاته ، إذ يقول :
هَب لي نوراً أمشي بِهِ فِي النّاسِ ، وأهتَدي بِهِ فِي الظُّلُماتِ ، وأستَضيءُ بِهِ مِنَ الشَّكِّ وَالشُّبُهاتِ . ۳
على هذا الضوء ، فإنّ بذل الجهد لتحصيل مراتب الطهارة والتقوى ، وكذلك الاهتمام بالذكر والدعاء والتوسّل باللّه والاستمداد منه للحصول على الفكر المستنير والفهم الذي يشعّ بنور البصيرة وإن كان ضرورياً للمسلمين جميعاً بيد أنّه يكتسب أهمّية مضاعفة بالنسبة لدارسي العلوم الدينية ، ويمثّل ضرورةً أكبر بخاصّة للباحثين في مضمار الأحاديث الإسلامية . ۴

1.الأنفال : ۲۹ .

2.الحديد : ۲۸ .

3.الصحيفة السجّاديّة : ص ۹۵ الدعاء ۲۲ .

4.يقول العالم الجليل الشيخ زين الدين العاملي ـ المعروف بالشهيد الثاني ـ حول هذا الموضوع : = ونور العلم لا يقذفه اللّه تعالى في القلب المنجّس بالكدورات النفسيّة والأخلاق الذميمة ، كما قال الصادق عليه السلام : «ليس العلم بكثرة التعلّم ، وإنّما هو نور يقذفه اللّه تعالى في قلب من يريد اللّه أن يهديه» . ونحوه قال ابن مسعود : ليس العلم بكثرة الرواية ، إنّما العلم نور يقذف في القلب . وبهذا يُعلم أن العلم ليس هو مجرّد استحضار المعلومات الخاصّة وإن كانت هي العلم في العرف العامّي ، وإنّما هو النور المذكور الناشئ من ذلك العلم الموجب للبصيرة والخشية للّه تعالى (منية المريد : ص ۱۶۷) . وراجع : مشكاة الأنوار : ص ۵۶۳ ح ۱۹۰۱ و بحارالأنوار : ج ۱ ص ۲۲۵ ح ۱۷ و الدرّ المنثور : ج ۷ ص ۲۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج1
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 294933
الصفحه من 671
طباعه  ارسل الي