201
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

فَلَقِيَ الأَبرَشُ أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام فَقالَ : يا أبا عَبدِ اللّهِ ، أخبِرني عَن قَولِ اللّهِ : «أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا » فَبِما كانَ رَتقُهُما ، وبِما كانَ فَتقُهُما؟
فَقالَ أبو عَبدِ اللّهِ عليه السلام : يا أبرَشُ ، هُوَ كَما وَصَفَ نَفسَهُ : «وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ » والماءُ عَلَى الهَواءِ ، وَالهَواءُ لا يُحَدُّ ، ولَم يَكُن يَومَئِذٍ خَلقٌ غَيرُهُما ، وَالماءُ يَومَئِذٍ عَذبٌ فُراتٌ ، فَلَمّا أرادَ أن يَخلُقَ الأَرضَ أمَرَ الرِّياحَ فَضَرَبَتِ الماءَ حَتّى صارَ مَوجاً ، ثُمَّ أزبَدَ فَصارَ زَبَداً واحِداً ، فَجَمَعَهُ في مَوضِعِ البَيتِ ثُمَّ جَعَلَهُ جَبَلاً مِن زَبَدٍ ، ثُمَّ دَحَا الأَرضَ مِن تَحتِهِ ، فَقالَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى : «إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكًا » . ۱
ثُمَّ مَكَثَ الرَّبُّ تَبارَكَ وتَعالى ما شاءَ ، فَلَمّا أرادَ أن يَخلُقَ السَّماءَ أمَرَ الرِّياحَ فَضَرَبَتِ البُحورَ حَتّى أزبَدَت بِها ، فَخَرجَ مِن ذلِكَ المَوجُ وَالزَّبَدُ مِن وَسَطِهِ دُخانٌ ساطِعٌ مِن غَيرِ نارٍ ، فَخَلَقَ مِنهُ السَّماءَ ، وَجَعلَ فيهَا البُروجَ وَالنُّجومَ ومَنازِلَ الشَّمسِ وَالقَمَرِ ، وأجراها فِي الفَلَكِ ، وكانَتِ السَّماءُ خَضراءَ عَلى لَونِ الماءِ الأَخضَرِ ، وكانَتِ الأَرضُ غَبراءَ عَلى لَونِ الماءِ العَذبِ ، وكانَتا مَرتوقَتَينِ لَيسَ لَهُما أبوابٌ ، ولَم يَكُن لِلأَرضِ أبوابٌ ؛ وهِيَ النَّبتُ ، ولَم تُمطِرِ السَّماءُ عَلَيها فَتُنبِتَ ، فَفَتَقَ السَّماءَ بِالمَطَرِ ، وفَتَقَ الأَرضَ بِالنَّباتِ ، وذلِكَ قَولُهُ : «أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا » .
فَقالَ الأَبرَشُ : وَاللّهِ ما حَدَّثَني بِمِثلِ هذَا الحَديثِ أحَدٌ قَطُّ! أعِد عَلَيَّ . فَأَعادَ عَلَيهِ . وكانَ الأَبرَشُ مُلحِداً ، فَقالَ : أنا أشهَدُ أنَّكَ ابنُ نَبِيٍّ ـ ثَلاثَ مَرّاتٍ ـ . ۲

1.آل عمران: ۹۶.

2.تفسير القمّي: ج ۲ ص ۶۹ ، بحار الأنوار: ج ۵۷ ص ۷۲ ح ۴۷.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
200

ثارَ مِنَ الماءِ دُخانٌ عَلى قَدرِ ما شاءَ اللّهُ أن يَثورَ ، فَخَلَقَ مِن ذلِكَ الدُّخانِ سَماءً صافِيَةً نَقِيَّةً لَيسَ فيها صَدعٌ ولا ثَقبٌ ، وذلِكَ قَولُهُ : «أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا * رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا * وَ أَغْطَشَ لَيْلَهَا وَ أَخْرَجَ ضُحَاهَا »۱
قالَ : ولا شَمسٌ ولا قَمَرٌ ولا نُجومٌ ولا سَحابٌ ، ثُمَّ طَواها فَوَضَعَها فَوقَ الأرضِ . ثُمَّ نَسَبَ الخَليقَتَينِ فَرَفَعَ السَّماءَ قَبلَ الأَرضِ ، فَذلِكَ قَولُهُ عَزَّ ذِكرُهُ : «وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا »۲ يَقولُ : بَسَطَها .
فَقالَ لَهُ الشّامِيُّ : يا أبا جَعفَرٍ ! قَولُ اللّهِ تَعالى : «أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَـوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا » ؟
فَقالَ لَهُ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : فَلَعَلَّكَ تَزعُمُ أنَّهُما كانَتا رَتقاً مُلتَزِقَتَينِ مُلتَصِقَتَينِ ، فَفُتِقَت إحداهُما مِنَ الاُخرى؟ فَقالَ : نَعَم .
فَقالَ أبو جَعفَرٍ عليه السلام : اِستَغفِر رَبَّكَ! فَإِنَّ قَولَ اللّهِ جَلَّ وعَزَّ : « كَانَتَا رَتْقًا » يَقولُ : كانَتِ السَّماءُ رَتقاً لا تُنزِلُ المَطَرَ ، وكانَتِ الأَرضُ رَتقاً لا تُنبِتُ الحَبَّ ، فَلَمّا خَلَقَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالَى الخَلقَ وبَثَّ فيها مِن كُلِّ دابَّةٍ فَفَتَقَ السَّماءَ بِالمَطَرِ وَالأَرضَ بِنَباتِ الحَبِّ .
فَقالَ الشّامِيُّ : أشهَدُ أنَّكَ مِن وُلدِ الأَنبِياءِ ، وأنَّ عِلمَكَ عِلمُهُم . ۳

۱۵۴۴.تفسير القمّي عن أبي بكر الحَضرميّ:خَرَجَ هِشامُ بنُ عَبدِ المَلِكِ حاجّاً ومَعَهُ الأَبرَشُ الكَلبِيُّ ، فَلَقِيا أبا عَبدِ اللّهِ عليه السلام فِي المَسجِدِ الحَرامِ ، فَقالَ هِشامٌ لِلأَبرَشِ : تَعرِفُ هذا؟ قالَ : لا ، قالَ : هذَا الَّذي تَزعَمُ الشّيعَةُ أنَّهُ نَبِيٌّ مِن كَثرَةِ عِلمِهِ ! فَقالَ الأَبرَشُ : لَأَسأَلَنَّهُ عَن مَسائِلَ لا يُجيبُني فيها إلّا نَبِيٌّ أو وَصِيُّ نَبِيٍّ ! فَقالَ هِشامُ : وَدَدتُ أنَّكَ فَعَلتَ ذلِكَ .

1.النازعات: ۲۷ ـ ۲۹.

2.النازعات: ۳۰.

3.الكافي: ج ۸ ص ۹۴ ح ۶۷ ، التوحيد: ص ۶۷ ح ۲۰ عن جابر الجعفي نحوه وفيه صدره إلى «جميع الأشياء منه وهو الماء» ، بحار الأنوار: ج ۵۷ ص ۹۶ ح ۸۱.

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 182415
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي