205
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

الشمس ، ۱ غير أنّ النظر في الروايات الواردة في تفسير الآية ، يقودنا إلى الاعتقاد بأنّ هناك معنيين هما أقرب إلى الواقع :
الأوّل : إنّ الرتق هو إشارة إلى التحام الأرض والأجرام السماويّة في أوّل الخلقة ، حينما كان العالم مادّة سائلة أطلق عليها القرآن لفظ «الماء» ، واعتبرته الروايات الشريفة أساسا في خلق العالم . والفتق إشارة إلى انفصال العناصر المتعلّقة بالأرض عن تلك المتعلّقة بالأجرام الاُخرى .
الثاني : إنّ الرتق يشير إلى المرحلة الَّتي لم تنفتق فيها السماء بالسّحاب والمطر ، ولا الأرض بالنبات . والفتق يشير إلى مرحلة توفّر شروط العيش وظروف الحياة على وجه الأرض بهطول المطر ونبات الأرض . ومن هنا فإنّ ما جاء في ذيل الرواية رقم (1543) من نفي الإمام الباقر عليه السلام لالتحام الأرض والسماء ، لعلّه ردّ على من يعتقد أنّ الأرض والسماء بصورتهما الحاليّة كانتا متَّصلتين مع بعضهما ، لكنّ اتصالهما في أصل الخلق لا إيراد عليه كما جاء في صدر الرواية المشار إليها .
وعليه فإنّ رتق الأرض وفتقها سواء أكان بمعنى الالتحام مع الأجرام السماويّة في أصل الخلق ، أم بمعنى عدم توفّر ظروف العيش عليها في المراحل الاُولى وتوفّرها فيما بعد ، فإنّه بلا شكّ يحكي عن قدرة وحكمة القوّة الَّتي أوجدت تلك الظروف ، وبالتالي فإنّه أحد الأدلّة المُحكمة على التوحيد ومعرفة اللّه سبحانه .

1.الجواهر للطنطاوي : ج ۱۰ ص ۱۹۷ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
204

سِيرُواْ فِى الْأَرْضِ فَانظُرُواْ كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْاخِرَةَ» تتضمّن دعوة إلى البحث والمطالعة عن كيفيّة أصل خلق الأرض ، إلى جانب كيفيّة خلق الموجودات الحيّة الَّتي عليها .
أما البحوث العلميّة حول كيفيّة خلق الأرض ، فقد انتهت إلى فرضيّات مختلفة ، ولم تثبت واحدة منها . غير أنّه لا ريب في أنّ التحوّلات الَّتي حصلت على الأرض منذ مبدأ نشوئها إلى حين تحقّق ظروف العيش عليها ، لا تتمّ دون تدخّل القوّة القادرة المستطيعة . وبناءً على ذلك فإنّ البحوث العلميّة في هذا الخصوص تعتبر درسا في معرفة الخالق إلى جانب كونها درسا في معرفة المعاد ، كما صرّح القرآن بذلك .

2 . رَتْق الأرض وفَتْقها

اعتبر القرآن الكريم رَتْقَ الأرض وفَتْقها أحد أدلّة التوحيد ، وفي ذلك يخاطب الكفّار بالقول :
«أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَ الْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا» . ۱
قال الراغب في المفردات :
الرَّتق : الضمّ والالتحام ، خلقةً كان أم صنعةً . ۲
لذا يجب أن نعرف المراد من رَتق السماوات والأرض وفتقهما ، وكيف صار الرتق والفتق دليلاً على التوحيد؟
لقد تعدّدت آراء المفسّرين والباحثين وأقوالهم في بيان المقصود من الرتق والفتق ، ۳ ومنهم طنطاوي الذي اعتبر ذلك مطابقا لنظريّة انفصال الأرض عن

1.الأنبياء : ۳۰ .

2.مفردات ألفاظ القرآن : ص ۳۴۱ «رتق» .

3.راجع : الميزان في تفسير القرآن : ج ۱۴ ص ۲۷۸ و ۲۷۹ ، التفسير الأمثل : ج ۱۰ ص ۱۳۸ و ۱۳۹، زمين و آسمان و ستارگان از نظر قرآن (بالفارسيّة) : ص ۶۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179157
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي