235
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

تقويم روايات تعدّد الأرض

أمّا ما يخصّ الروايات الَّتي تدلّ على تعدّد الأرض ، والَّتي لا يمكن حملها على معنى الأقاليم السبعة ؛ ومنها عدد من الأحاديث المتقدّمة في الباب الخامس ، فلا يحظى واحد منها بقطعيّة الصدور عن أهل البيت عليهم السلام ، بل إنّ بعضها يشتمل على مطالب إذا اُريد ظاهرها ، لا يمكن التسليم بصحّة صدورها عن بيت الوحي والرّسالة ، وفي ذلك يقول المحقّق القدير الشّعراني عن الرواية المعروفة برواية زينب العطّارة ۱ :
والحقّ أنّ رواية زينب العطّارة ضعيفة ـ على فرض صدور شيء منها حقيقة من المعصوم ـ لا نطمئنّ بحفظ الرُّواة وضبطهم جميع الألفاظ الَّتي سمعوها ، وإنّما يحتاج إلى تكلّف التأويل والتوجيه بما يشمئزّ منه الطّبع والالتزام بالمحالات من يعتقد صدور شيء منها من المعصوم وعصمة الرواة من الخطأ والسهو والنسيان في نقل جميع ألفاظ الإمام عليه السلام ، وهو اعتقاد سخيف . فالحقّ عدم التعرّض لشيء ممّا ورد في رواية زينب العطّارة والتوقّف فيها . والعجب أنّ بعض الناس حاولوا تطبيق الرواية على العلوم الطبيعيّة والهيئة الإفرنجيّة ، والبعد بينهما أبعد ممّا بين السماء والأرض! . ۲
وكذلك يقول العلّامة المجلسي حول حديث تفسير القمّي والمرقّم برقم (1582) المنقول عن الحسين بن خالد :

1.ممّا يجدر الإشارة إليه أنّ ثقة الإسلام الكليني روى هذا الحديث بالإسناد عن الحسين بن زيد الهاشمي عن الإمام الصادق عليه السلام ، وقد نقل الإمام عليه السلام ماجرى لزينب العطّارة من لقاء النبيّ صلى الله عليه و آله والمطالب التي قالها لها ، بناءً على ذلك فإنّ وثاقة زينب العطّارة لا يترتّب عليها أدنى أثر كما يظنّ البعض ، ومع ذلك فإنّه يظهر أنّ العلّامة المجلسي قد قال في سند هذه الرواية : «مجهول ، ويمكن عدّه في الحسان» بناءً على وجود الحسين بن زيد الهاشمي في سلسلة السند .

2.شرح اُصول الكافي للمُلّا صالح المازندراني : ج ۱۲ ص ۱۶۹ (حاشية أبي الحسن الشَّعراني) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
234

الَّتي قُسّمت إلى سبعة أقسام في الجغرافيا القديمة ، سمّوها الأقاليم السبعة ، وقد ورد ذكرها على لسان أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة :
وَاللّهِ لَو اُعطيتُ الأَقاليمَ السَّبعَةَ بِما تَحتَ أفلاكِها ، عَلى أن أعصِيَ اللّهَ في نَملَةٍ أسلُبُها جُلبَ شَعيرَةٍ ما فَعَلتُهُ. ۱
وهكذا وردت كلمة «أرضون» جمع «أرض» في بعض كلمات أمير المؤمنين عليه السلام يشير فيها إلى أجزاء الأرض المختلفة ، وليس إلى وجود عدّة أراضٍ ، منها قوله عليه السلام مبيّنا دور وحدة الكلمة في الاُمم الماضية :
فَانظُروا كَيفَ كانوا حَيثُ كانَتِ الأَملاءُ مُجتَمِعَةً ... ألَم يَكونوا أربابا في أقطارِ الأَرَضينَ ، ومُلوكا عَلى رِقابِ العالَمينَ . ۲
ومنها قوله عليه السلام في بيان آثار بعثة الرسول الأكرم صلى الله عليه و آله في إيجاد الاتّحاد والاُلفة بين أفراد الاُمّة الإسلاميّة :
... فَهُم حُكّامٌ عَلَى العالَمينَ ، ومُلوكٌ في أطرافِ الأَرَضينَ ، يَملِكونَ الاُمورَ عَلى مَن كانَ يَملِكُها عَلَيهِم . ۳
وعندما نتتبّع الروايات الإسلاميّة نجد الكثير من القرائن الَّتي تؤكّد أنّ المراد من «الأرضين السبع» هو الأقاليم السبعة ۴ . وكذلك ما ورد في الدعاء من ذكر الأرضين السبع يمكن حمله على ذات المعنى .

1.نهج البلاغة : الخطبة ۲۲۴ .

2.نهج البلاغة : الخطبة ۱۹۲ .

3.المصدر السابق .

4.نحو ما جاء في تفسير العيّاشي : ج ۱ ص ۲۰۷ ح ۱۵۹ عن ابن سنان عن الإمام الصادق عن آبائه عليهم السلام عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال : «ما من ذي زكاة مالٍ ؛ نخل ولا زرع ولا كرم ، يمنع زكاة ماله إلّا قلّدت أرضه في سبعة أرضين يطوّق بها إلى يوم القيامة» .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179354
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي