263
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

وتُظهر الدراسات الميدانية أنّ الاضطراب النفسي وانعدام التوازن الروحي، يلعبان دوراً رئيساً في المفاسد الأخلاقية والاجتماعية. فنحن نلاحظ أنّ معظم الجرائم المريعة وحالات الانتحار تحدث بين العزّاب وعلى أيديهم . ۱
ولذلك، فإنّ تشكيل الأُسرة يمكن أن يكون له دور أساسي في الطمأنينة النفسية والبناء الأخلاقي والاجتماعي، وهذا هو سرّ تأكيد القرآن والأحاديث الإسلامية على تشكيل الأُسرة وتعزيزها والحؤولة دون انهيارها .
والآن علينا أن نحدّد الأُسرة الّتي يمكنها تأمين الطمأنينة في الحياة، وكيف يمكن تشكيل مثل هذه الأُسرة، وما هي موانع تشكيل الأُسرة الّتي تشيع فيها الطمأنينة؟ وما هو سبيل ترسيخ الأُسرة وزيادة الطمأنينة العائلية؟ وكيف يمكن الحيلولة دون ضعف وتداعي الأُسرة؟
وسنذكر فيما يلي نصّ إجابات القرآن والأحاديث الإسلامية على هذه الأسئلة . ۲

1.أظهرت الدراسات أنّ نسبة ارتكاب الجرائم وتنوّعها ومخاطرها عند اليافعين والشباب (قبل الزواج) تفوق الأعمار الأُخرى، ولذلك فإنّ علماء الاجتماع يرون أنّ مستوى الجريمة عند الشرائح الشابّة، هي مترسّخة إلى حدٍّ كبير. فجرائم من مثل الجرائم العنيفة والاعتداء بالعنف والإدمان، تبلغ أعلى الإحصائيات في هذه السنين (جامعه شناسي لكجروي: ص ۲۹۵ و ۳۰۷) . كما أنّه وعلى الرغم من أنّ نسبة الانتحار بين الكهول (۴۵ سنة فما فوق) تفوق الفئات العمرية الأُخرى، إلّا أنّه يتضح من خلال أخذ الملاحظات الإحصائية بنظر الاعتبار، أنّ نسبة الانتحار لدى الأشخاص العزب والوحيدين، تفوق المتزوجين بمرّات عديدة، وبالطبع فإنّ مستواها بين الفئة العمرية (۱۵ ـ ۲۴ سنة) آخذ بالتزايد. وتفيد الإحصائيات في إيران أنّ أكبر نسبة للانتحار كانت بين الفئة العمرية ۲۵ ـ ۳۰ سنة. ومن جهةٍ اُخرى، فإنّ الطلاق يرفع نسبة حالات الانتحار، والرجال الذين ينفصلون عن زوجاتهم، يعمدون إلى الانتحار أكثر من النساء المطلّقات، كما أنّ موت الشريك (الزوجة أو الزوج) يرفع هو الآخر من نسبة الانتحار (خودكشي، دوركيم: ص ۱۸۹ وما بعدها؛ تقرير لجنة عمل الانتحار في مؤتمر الإسلام والآفات الاجتماعية، لم ينشر لحدّ الآن).

2.كتب هذا التحليل على يد الفاضل الكريم الشيخ عبد الهادي المسعودي .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
262

وتَشبيكِ الحُقوقِ ، وتَكثيرِ العَدَدِ ، وتَوفيرِ الوَلَدِ لِنَوائِبِ الدَّهرِ وحَوادِثِ الأُمورِ ، ما يَرغَبُ فى دونِهِ العاقِلُ اللَّبيبُ ، ويُسارِعُ إلَيهِ المُوَفَّقُ المُصيبُ . ۱

4 . نشر الأهداف التوحيدية

إنّ الحكمة الغائية من تشكيل الأُسرة والهدف النهائي للإسلام من هذا التأكيد على تشكيلها وترسيخها واستمرارها، هو نشر وتوسيع القيم الإنسانية، ونشر الأهداف التوحيدية، وبالتالي تحقيق البعد العالمي للإسلام. وبقاء النسل البشري هو في الحقيقة مقدّمة للوصول إلى هذا الهدف الكبير. ويشير الحديث النبويّ الشريف إلى هذه الحكمة :
ما يَمنَعُ المُؤمِنَ أن يَتَّخِذَ أهلاً ؟! لَعَلَّ اللّهَ أن يَرزُقَهُ نَسَمَةً تُثقِلُ الأَرضَ بِلا إلهَ إلّا اللّهُ . ۲

أهمّ أهداف تشكيل الأُسرة

تتمثّل أهمّ الملاحظات القرآنية في بيان الحكمة من الزواج في أنّ اللّه عندما يريد بيان حكمة الزواج وتشكيل الأُسرة، فإنّه لا يقول إنّ حكمة خلق الزوج وتشكيل الأُسرة هو بقاء الذرّية أو الولد الصالح، أو منع الفساد، أو البناء الأخلاقي والاجتماعي، أو نشر القيم الإسلامية، بل إنّه يشير إلى حكمة لا يمكن من دونها تحقيق أيّ من أهداف خلق الإنسان، ألا وهي الطمأنينة النفسية.
ومن دون الطمأنينة النفسية لا يمكن أن نتوقّع التقوى من الشاب، ومن دون الطمأنينة النفسية لا يظهر جيل سليم وصالح، كما لا يتمّ البناء الأخلاقي والاجتماعي، ولا تنتشر القيم الدينية والغاية التوحيدية.

1.راجع : ص ۲۷۷ ح ۱۶۶۰ .

2.راجع : ص ۲۸۰ ح ۱۶۶۸ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179130
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي