313
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

المهر ، إزالة موانع الزواج والترغيب في إقامة علاقة الزواج بين شباب الأُمّة الإسلامية ، إلّا أنّ هذا لا يعني أبداً عدم تحبيذ تبادل الهدية بين الزوجين أو أُسرتيهما ، وبإمكان كلّ من طرفي العلاقة أو أقاربهما أن يقدّم للطرف الآخر هدايا رخيصة الثمن أو مرتفعة ؛ من أجل ترسيخ الزواج أكثر .
وقد قدّم أئمّة ديننا إلى جانب العمل بالسنّة النبويّة في المهر والتأكيد على عدم تجاوزه ، هدايا نفيسة أحياناً إلى زوجاتهم ولم يسموّها المهر ، بل «النحلة (الهدية)» ۱
. وقد كانوا يقدّمون أحياناً هدايا على شكل مزارع ، بساتين وغيرها إلى بعض العوائل الحديثة التأسيس ، وكان هدفهم إغناءهم عن الاعتماد على الآخرين ۲ . وبالطبع فإنّ هذه النماذج ليست كثيرة في الروايات التاريخية ، بحيث يمكن اعتبار كلّ واحد مختصّاً بحالة خاصّة ومنبثقاً من جوّ ذلك الزواج وظرفه الخاصّ به . ومن الطريف أنّه لم يرد الحديث في أيٍّ من هذه الروايات عن وجود طلب مسبق من الفتاة أو أُسرتها لهذه الهدية أو أنّها ذات علاقة بالمهر (الصداق) .
وبشكلٍ عامّ ، فإنّ الروايات الكثيرة في مختلف الكتب الحديثية والفقهية لا تبقي مجالاً للشكّ في أنّ المهر القليل والخفيف مطلوب ، وأنّ الإسلام أوصى به ، ولكن هذا لا يمنع عن أن يقدّم المسلمون بعض الهدايا إلى أزواجهم أو أقربائهم المتزوّجين

1.جاء في روايةٍ زواج الإمام الجواد عليه السلام مع ابنة المأمون أنّه جعل المهر مهر السنّة ، كما أهدى مئة ألف درهم إلى زوجته كنحلة (كتاب من لا يحضره الفقيه: ج ۳ ص ۳۹۸) .

2.عقد الإمام الحسين عليه السلام بعد رفضه خطبة يزيد لأُمّ كلثوم بنت عبد اللّه بن جعفر على ابن عمّها القاسم بن محمّد بن جعفر ، ووهب لها مزرعته الخصبة في وادي العقيق؛ بهدف مواجهة عرض يزيد تقديم المساعدة المالية إلى هذه الأُسرة (راجع : تاريخ دمشق: ج ۵۷ ص ۲۴۵ ، الكامل للمبرَّد : ج ۳ ص ۱۱۲۹) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
312

يجدر ذكره أنّ بعض الروايات تفيد بأنّ قيمة الفضّة كانت تزيد على الذهب في عهد النبيّ صلى الله عليه و آله ، فكان كلّ سبعة أو ثمانية دراهم (من الفضّة) يتمّ معاوضتها بدينارٍ من الذهب ، وعلى هذا الأساس فإنّ خمسمئة درهم تعادل سبعين ديناراً ، أي سبعين مثقالاً شرعياً من الذهب ، وتعادل حوالي سبعة ملايين تومان (في الوقت الحاضر) .
وأمّا الأُسلوب الآخر في حساب مستوى القدرة الشرائية لمهر السنّة ، فهو الدقّة في جزئيات رواية زواج الإمام علي عليه السلام وفاطمة عليهاالسلام ، وما تمّ شراؤه بالمبلغ موضوع البحث (مهر السنّة) . فالروايات العديدة تفيد بأنّ الإمام عليّاً عليه السلام هيّأ من خلال بيع درعه (أو بيع درعه وبرده اليماني) ، حوالي أربعمئة وثمانين درهماً ، أو أكثر أو أقلّ بقليل ۱ ، وقد سلّم ذلك المبلغ إلى النبيّ صلى الله عليه و آله ، وقد أعدّ رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، بذلك المبلغ وسائل في غاية البساطة لحياة مشتركة والحدّ الأدنى من المستلزمات . ولحسن الحظّ فإنّ قائمة بعض هذه الوسائل وأثمانها ما تزال موجودة ۲ ، وهي تدلّ على بساطة هذا الأثاث وانخفاض قيمته . وعلى هذا الأساس أيضاً يجب القول : إنّ مهر السنّة لا يمثّل مبلغاً كبيراً جدّاً ، فهو لا يؤمّن سوى الأثاث الضروري البسيط والبدائي لبيتٍ صغير .

هدية الزواج

كان الهدف الرئيس من قلّة مهر السنّة وتأكيد أئمّة الدين على التساهل في تعيين

1.ذكرت بعض الروايات مبالغ أقل وهو ما يتعارض مع الروايات الكثيرة الأُخرى ، وقد يكون حدث تصحيف فيها . وقد اعتبر العلّامة المجلسي بعد ذكر الأقوال ، مبلغ خمسمئة درهم هو القول الصحيح (بحار الأنوار: ج ۴۳ ص ۱۱۲) .

2.راجع : الأمالي للطوسي: ص ۴۱ ، أمر النبيّ صلى الله عليه و آله بأن يشتري بذلك المبلغ الملابس وأثاث البيت ، وكان من جملة ذلك فستان ، خمار ، فوطة ، ملحف ، بساط من الحصير ، وما إلى ذلك .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 177343
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي