9
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2

وَالثّالِثُ : «اللّهُ أكبَرُ» أيِ القادِرُ عَلى كُلِّ شَيءٍ ، يَقدِرُ عَلى ما يَشاءُ ، القَوِيُّ لِقُدرَتِهِ ، المُقتَدِرُ عَلى خَلقِهِ ، القَوِيُّ لِذاتِهِ ، قُدرَتُهُ قائِمَةٌ عَلَى الأَشياءِ كُلِّها ، إذا قَضى أمرا فَإِنَّما يَقولُ لَهُ : كُن ، فَيَكونُ .
وَالرّابِعُ : «اللّهُ أكبَرُ» عَلى مَعنى حِلمِهِ وكَرَمِهِ ، يَحلُمُ كَأَنَّهُ لا يَعلَمُ ، ويَصفَحُ كَأَنَّهُ لا يَرى ، ويَستُرُ كَأَنَّهُ لا يُعصى ، لا يَعجَلُ بِالعُقوبَةِ كَرَما وصَفحا وحِلما .
وَالوَجهُ الآخَرُ في مَعنى «اللّهُ أكبَرُ» ؛ أيِ الجَوادُ جَزيلُ العَطاءِ كَريمُ الفِعال . ۱
وَالوَجهُ الآخَرُ : «اللّهُ أكبَرُ» فيهِ نَفيُ صِفَتِهِ وكَيفِيَّتِهِ ؛ كَأَنَّهُ يَقولُ : اللّهُ أجَلُّ مِن أن يُدرِكَ الواصِفونَ قَدرَ صِفَتِهِ الَّذي هُوَ مَوصوفٌ بِهِ ، وإنَّما يَصِفُهُ الواصِفونَ عَلى قَدرِهِم لا عَلى قَدرِ عَظَمَتِهِ وجَلالِهِ ، تَعالَى اللّهُ عَن أن يُدرِكَ الواصِفونَ صِفَتَهُ عُلُوّا كَبيرا .
وَالوَجهُ الآخَرُ : «اللّهُ أكبَرُ» كَأَنَّهُ يَقولُ : اللّهُ أعلى وأجَلُّ ، وهُوَ الغَنِيُّ عَن عِبادِهِ ، لا حاجَةَ بِهِ إلى أعمالِ خَلقِهِ .
وأمّا قَولُهُ : «أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ» فَإِعلامٌ بِأَنَّ الشَّهادَةَ لا تَجوزُ إلّا بِمَعرِفَتِهِ مِنَ القَلبِ ، كَأَنَّهُ يَقولُ : أعلَمُ أنَّهُ لا مَعبودَ إلَا اللّهُ عز و جل ، وأنَّ كُلَّ مَعبودٍ باطِلٌ سِوَى اللّهِ عز و جل ، واُقِرُّ بِلِساني بِما في قَلبي مِنَ العِلمِ بِأَنَّهُ لا إلهَ إلَا اللّهُ ، وأشهَدُ أنَّهُ لا مَلجَأَ مِنَ اللّهِ إلّا إلَيهِ ، ولا مَنجى مِن شَرِّ كُلِّ ذي شَرٍّ وفِتنَةِ كُلِّ ذي فِتنَةٍ إلّا بِاللّهِ .
وفِي المَرَّةِ الثّانِيَةِ : «أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ» مَعناهُ : أشهَدُ أن لا هادِيَ إلَا اللّهُ ، ولا دَليلَ لي إلَى الدّينِ إلَا اللّهُ ، واُشهِدُ اللّهَ بِأَنّي أشهَدُ أن لا إلهَ إلَا اللّهُ ، واُشهِدُ سُكّانَ

1.في بعض نسخ المصدر : «النوال» .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
8

وإذا قالَ : «اللّهُ أكبَرُ اللّهُ أكبَرُ» ۱ فَإِنَّهُ يَقولُ : تَرَحَّموا عَلى أنفُسِكُم ، فَإِنَّهُ لا أعلَمُ لَكُم عَمَلاً أفضَلَ مِن هذِهِ ، فَتَفَرَّغوا لِصَلاتِكُم قَبلَ النَّدامَةِ .
وإذا قالَ : «لا إلهَ إلَا اللّهُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : يا اُمَّةَ مُحَمَّدٍ ، اِعلَموا أنّي جَعَلتُ أمانَةَ سَبعِ سَماواتٍ وسَبعِ أرَضينَ في أعناقِكُم ، فَإِن شِئتُم فَأَقبِلوا وإن شِئتُم فَأَدبِروا ، فَمَن أجابَني فَقَد رَبِحَ ومَن لَم يُجِبني فَلا يَضُرُّني . ۲

۱۰۷۲.الإمام الحسين عليه السلام :كُنّا جُلوسا فِي المَسجِدِ إذ صَعِدَ المُؤَذِّنُ المَنارَةَ فَقالَ : «اللّهُ أكبَرُ اللّهُ أكبَرُ» ، فَبَكى أميرُ المُؤمِنينَ عَلِيُّ بنُ أبي طالِبٍ عليه السلام وبَكَينا لِبُكائِهِ ، فَلَمّا فَرَغَ المُؤَذِّنُ قالَ : أتَدرونَ ما يَقولُ المُؤَذِّنُ ؟ قُلنا : اللّهُ ورَسولُهُ ووَصِيُّهُ أعلَمُ ! قالَ : لَو تَعلَمونَ ما يَقولُ لَضَحِكتُم قَليلاً ولَبَكَيتُم كَثيرا ! فَلِقَولِهِ : «اللّهُ أكبَرُ» مَعانٍ كَثيرَةٌ :
مِنها : أنَّ قَولَ المُؤَذِّنِ : «اللّهُ أكبَرُ» يَقَعُ عَلى قِدَمِهِ وأزَلِيَّتِهِ وأبَدِيَّتِهِ وعِلمِهِ وقُوَّتِهِ وقُدرَتِهِ وحِلمِهِ وكَرَمِهِ وجودِهِ وعَطائِهِ وكِبرِيائِهِ ، فَإِذا قالَ المُؤَذِّنُ : «اللّهُ أكبَرُ» فَإِنَّهُ يَقولُ : اللّهُ الَّذي لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ وبِمَشِيَّتِهِ كانَ الخَلقُ ، ومِنهُ كُلُّ شَيءٍ لِلخَلقِ ، وإلَيهِ يَرجِعُ الخَلقُ ، وهُوَ الأَوَّلُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ لَم يَزَل ، وَالآخِرُ بَعدَ كُلِّ شَيءٍ لا يَزالُ ، وَالظّاهِرُ فَوقَ كُلِّ شَيءٍ لا يُدرَكُ ، وَالباطِنُ دونَ كُلِّ شَيءٍ لا يُحَدُّ ، وهُوَ الباقي وكُلُّ شَيءٍ دونَهُ فانٍ .
وَالمَعنَى الثّاني : «اللّهُ أكبَرُ» أيِ العَليمُ الخَبيرُ عَلَيهِم ۳ بِما كانَ ويَكونُ قَبلَ أن يَكونَ .

1.في بحار الأنوار : «وإذا قال : حيّ على خير العمل» بدل «وإذا قال : اللّه أكبر اللّه أكبر» .

2.جامع الأخبار : ص ۱۷۱ ح ۴۰۵ عن الإمام عليّ عليه السلام ، بحار الأنوار: ج ۸۴ ص ۱۵۳ ح ۴۹ .

3.كذا في المصدر ، وفي جميع المصادر الاُخرى «علم» بدل «عليهم» .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج2
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 177214
الصفحه من 563
طباعه  ارسل الي