191
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3

جلوس المتمكّن المتربّع ونحوه من الهيئات المستدعية لكثرة الأكل ، بل كان جلوسه للأكل مستوفزا مُقعِيا غير متربّع ، وليس المراد الميل على شقّ كما يظنّه عوامّ الطلبة» .
وقال في المصباح :
« اتّكأ : جلس متمكّنا ، وفي التنزيل : «وَ سُرُرًا عَلَيْهَا يَتَّكِئونَ» ؛ أي يجلسون ، وقال : «وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئا»؛ أي مجلسا يجلسن عليه . قال ابن الأثير : والعامّة لا تعرف الاتّكاء إلّا الميل في القعود معتمدا على أحد الشقّين ، وهو يستعمل في المعنيين جميعا ، يقال : اتّكأ ؛ إذا أسند ظهره أو جنبه إلى شيء معتمدا عليه ، وكلُّ من اعتمد على شيء فقد اتّكأ عليه . وقال السَّرَقُسطي : أتكَأْته : أعطيته ما يتّكئ عليه ؛ أي يجلس عليه ، وضربته حتّى أَتكأته : أي سقط على جانبه» .
وقال البيضاوي في قوله تعالى : «وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَئا» :
«ما يتّكئن عليه من الوسائد ، وقيل : طعاما أو مجلس طعام ، فإنّهم كانوا يتّكئون للطعام والشراب تترّفا ، ولذلك نهى عنه» .
وقال ابن حجر :
«اختُلف في صفة الاتّكاء ، فقيل : أن يتمكّن في الجلوس للأكل على أيّ صفة كان ، وقيل : أن يميل على أحد شقّيه ، وقيل : أن يعتمد على يده اليسرى من الأرض . قال الخطّابي : تحسب العامّة أنّ المتّكئ هو الآكل على أحد شقّيه ، وليس كذلك ، بل هو المعتمد على الوطاء الّذي تحته . قال : ومعنى قوله عليه السلام : إنِّي لا آكُلُ مُتَّكِئا ؛ إنّي لا أقعد متّكئا على الوطاءِ عند الأكل فعل من يستكثر من الطعام ، فإنّي لاآكل إلّا البُلغة من الزاد ، فلذلك أقعد مستوفزا . وفي حديث أنس أنّه صلى الله عليه و آله أَكَلَ تَمرا وهو مُقعٍ . وفي رواية : وهو مستوفز ، والمراد الجلوس على وركه غير متمكّن . وأخرج ابن عديّ بسند ضعيف زجر النبيِّ صلى الله عليه و آله أن يعتمد الرجل على يده اليسرى عند الأكل . قال مالك : هو نوع من الاتّكاء . قلت : أشار مالك إلى كراهة كلّ ما يعدّ الأكل فيه متّكئا ، ولا يختصُّ بصفة بعينها . وجزم ابن الجوزي في تفسير الاتّكاء بأنّه المَيل إلى أحد الشقّين ولم يلتفت لإنكار الخطّابيّ ذلك . واختلف السلف في حكم الأكل متّكئا ؛


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
190

أقول : يمكن الجمع بحمل الاتّكاء المنهيّ على أحد المعاني الآتية .
الثاني : الجلوس متمكّنا على البساط من غير ميل إلى جانب ، كما هو ظاهر بعض اللغويّين ، فإنّ الأكل كذلك دأب الملوك والمتكبّرين .
الثالث: إسناد الظهر إلى الوسائد ومثلها، ويفهم هذا من كثير من إطلاقات الأخبار ، كما أنّه ورد في الأخبار كثيرا أنّه عليه السلام كان متّكئا فاستوى جالسا ، ويبعد من آدابهم الاضطجاع على أحد الشقّين بمحضر الناس ، بل الظاهر أنّه كان مسندا ظهره إلى وسادة فاستوى جالسا ، كما هو الشائع عند الاهتمام ببيان أمر ، أو عند عروض غضب .
الرابع : الاضطجاع على أحد الشقّين .
الخامس : الأعمّ من الرابع والأوّل ، كما هو ظاهر أكثر الأصحاب .
السادس : الأعمّ ممّا سوى الأوّل ، وهو الأظهر في الجمع بين الأخبار ، فيكون المستحبّ الإقبال على نعمة اللّه والإكباب عليها من غير تكبّر واستغناء ، ولا ينافيه
الاتّكاء باليد .
قال في النهاية :
«فيه : لا آكُلُ مُتَّكِئا ؛ المُتّكئ في العربيّة : كلّ ما استوى قاعدا على وطاء متمكّنا ، والعامّة لا تعرف المتّكئ إلّا مَن مالَ في قعوده معتمدا على أحد شقّيه ، والتّاء فيه بدل من الواو ، وأصله من الوكاء ؛ وهو ما يشدُّ به الكيس وغيره ، كأنّه أوكأ مقعدته وشدّها بالقعود على الوطاء الّذي تحته . ومعنى الحديث : أنّي إذا أكلت لم أقعد متّكئا فعل من يريد الاستكثار منه ، ولكن آكل بلغة ، فيكون قعودي له مستوفزا . ومن حمل الاتّكاء على الميل إلى أحد الشقّين ، تأوّله على مذهب الطبّ ، فإنّه لا ينحدر في مجاري الطعام سهلاً ولا يسيغه هنيئا ، وربّما تأذّى به ، ومنه الحديث الآخر : هذا الأَبيضُ المُتَّكِئ المُرتَفِق يريد الجالس المتمكّن في جلوسه» .
وقال الفيروز آبادي :
«توكّأ عليه : تحمّل واعتمد ، كأوكأ . وقوله صلى الله عليه و آله : أَمَّا أَنا فَلا آكُلُ مُتَّكِئا ؛ أي جالسا

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 234214
الصفحه من 575
طباعه  ارسل الي