249
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3

والأهمّ من كلّ ذلك أنّه يتوجّب على المسلمين ـ إذا استطاعوا ـ أن يؤمّوا بيت اللّه الحرام مرّة في العمر ، متحرّرين من كلّ فارق وتمايز ، مرتدين لباسا موحّدا خاليا من أيّ زينةٍ وبهرجةٍ ، مردّدين نداء التوحيد في إطار أداء مناسك الحجّ العباديّة السياسيّة ، فيوثّقوا ببركة كلمة التوحيد وحدة كلمتهم على صعيد الاُمّة الإسلاميّة بجميع أصقاعها .
يشير المرحوم الفيض الكاشاني إلى دور صلاة الجماعة والجمعة والعيدين ومؤتمر الحجّ العظيم في خلق روح الاُلفة بين أبناء الاُمّة الإسلاميّة ، ويقول :
يتبيّن من ذلك للَّبيب الفطن أنّ غرض الشارع من جميع التكاليف الشرعيّة ، تحصيل هذا النوع من الاُلفة الّتي تستطيع أن تستحفظ كلّ نظام العالم ، ولهذا قال بعض الحكماء : إنّ دعوة الأنبياء ـ كما هي من جهة العلم تستهدف إثبات توحيد الخالق ونفي الأنداد عنه ـ هي من الناحية العمليّة تعود إلى تحقيق الوحدة . ۱
وبإيجاز ، إنّ الاُلفة والانسجام مسألة ذات ارتباط وثيق بالإسلام والإيمان ؛ إذ إنّ «المُؤمِنُ إلفٌ مَألوفٌ» ۲
، وكلّما اقترب المجتمع الإسلامي من الوئام ووحدة الكلمة ، اقترب من واقع الحياة الإسلاميّة ، وكلّما افترقت قلوب أبناء المجتمع أكثر ، ازداد ابتعاد ذلك المجتمع عن هويّته الإسلاميّة .

3 . أهمّ بَركاتِ الاُلفة

إنّ بركات الاُلفة والوئام في الحياة الفرديّة والعائليّة والسياسيّة والاجتماعيّة لا تُحصى ، لكنّ أبرزها ـ والتي تعتبر ممهّدة لأنواع البركات الماديّة والمعنويّة ـ هي : العزّة ، وانتصار الحقّ ، وسيادة العدالة السياسيّة والاجتماعيّة .

1.ده رساله فيض كاشانى (بالفارسيّة) : ص ۲۰۸ (رسالة «اُلفت نامه» ) .

2.راجع : ص ۲۶۸ ح ۳۰۳۹ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
248

ب ـ تهيئة الأجواء للانسجام الروحي

إنّ مبدأ الاُلفة واجتماع القلوب في نظام الخليقة هو تناسبها وتعارفها ، وما تذكره النصوص الدينيّة بشأن سببيّة اللّه سبحانه في الاُلفة بين البشر ، إنّما تعني هذا المفهوم . يقول الإمام عليّ عليه السلام :
إنَّ النُّفوسَ إذا تَناسَبَت ائتَلَفَت . ۱
ومن هنا ؛ فالإسلام لا يكتفي بإزالة موانع الاُلفة فحسب ، بل يمهّد الأرضيّة تجاه سيادة مبدأ التآلف الروحيّ والانسجام النفسيّ في معظم أحكامه السياسيّة والأخلاقيّة والعمليّة .
على هذا الأساس ، فإنّ ما يؤكّده الإسلام بشأن الاقتداء بالنماذج الإنسانيّة السامية في الحياة ـ وخاصّة أهل بيت رسول اللّه صلى الله عليه و آله ـ ورعاية حقوق الأفراد ، وحسن المعاشرة ، وإبراز مشاعر الحبّ ، والوفاء ، والإحسان ، والتقارب السببيّ ، واجتناب التكلّف في العلاقات ... إنّما يتّجه إلى توفير الأجواء اللّازمة للانسجام النفسيّ ، وتقوية أواصر الاُلفة والمحبّة بين الناس .
إنّ تأكيد الإسلام على أداءِ الصلاة جماعةً خمس مرّات في الليل والنهار ، له دلالته على الاهتمام بائتلاف المجموعات البشريّة في الأحياء المختلفة للمدينة ، وكذلك اجتماع أهل كلّ مدينة مرّة في الاُسبوع لأداء صلاة الجمعة ، له عطاؤه في خلق روح الاُلفة على مستوى أوسع .
وأوسع من ذلك اجتماع أهل المدينة ومشارفها في العيدين على صعيدٍ مكشوف ؛ لكي ينهلوا من روح الصلاة ومن إرشادات الخطيب ، ممّا يؤكّد اُلفتهم ووحدتهم .

1.راجع : ص ۲۶۶ ح ۳۰۳۴ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 208784
الصفحه من 575
طباعه  ارسل الي