313
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3

2 . إنّ المقصود من السؤال والجواب والميثاق هو غير المتداوَل منها ، وإنّما هو ميثاق فطرة الإنسان مع اللّه تعالى ، واعترافه بربوبيّة اللّه الأحد هو تلك المعرفة الّتي أودعها اللّه في فطرة البشر وثبّتها .
الطائفة الثالثة : النصوص الّتي تدلّ على أنّ طبيعة الإنسان بنحو أنّه إذا مُنيَ بربقة المصائب والشدائد زالت موانع المعرفة من بصيرته ، وفي هذه الحالة يشعر بكلّ وجوده حقيقة اللّه سبحانه وتعالى ، ويمدّ يد الفاقة إلى ذلك الغنيّ. ومحصّلة الآيات القرآنيّة في هذا المجال وردت في كلام نورانيّ للإمام العسكريّ عليه السلام ، حيث قال سلام اللّه عليه:
اللّهُ ، هُوَ الَّذي يَتَألّهُ إلَيهِ عِندَ الحَوائِجِ وَالشَّدائِدِ كُلُّ مَخلوقٍ عِندَ انقِطاعِ الرَّجاءِ مِن كُلِّ مَن هُوَ دونَهُ ، وتَقَطُّعِ الأسبابِ مِن جَميعِ ما سِواهُ . ۱

ما معنى فطرة معرفة اللّه عز و جل؟

لهذه الفطرة معنيان: الفطرة العقليّة ، والفطرة القلبيّة .
إنّ القصد من فطرة معرفة اللّه العقليّة هو : أنّ اللّه سبحانه خلق عقل الإنسان بشكل يكون التوجّه إلى الوجود والنظام المسيطر عليه باعثا على إيجاد الاعتقاد بوجود اللّه ذاتيّا وبلا حاجة إلى الاستدلال .
أمّا الفطرة القلبية لمعرفة اللّه فتعني : أنّ اللّه سبحانه قد جعل معرفته في قلب الإنسان وروحه بحيث لو ارتفعت الحجب واُزيلت الحواجز تجلّت تلك المعرفة الأصيلة ، فيجد الإنسان نفسه في رحاب الخالق .
بناءً على هذا ، فإنّ التفاوت بين المعرفة الفطريّة العقليّة والقلبيّة كالفرق بين العلم والوجدان ، أو بتعبير نصّ الروايات كالفرق بين الإيمان واليقين .

1.راجع : ص ۳۱۸ ح ۳۱۳۰ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
312

ثَبَتَتِ المَعرِفَةُ في قُلوبِهِم .
وقد جاء في بعض الأخبار : أثبَتَ المَعرِفَةَ في قُلوبِهِم . ۱
وعن ابن مسكان عن أَبي عبد اللّه عليه السلام في قَولِهِ تَعالى : «وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى» قال : قُلتُ : مُعايَنَةً كانَ هذا ؟ قالَ عليه السلام :
نَعَم ، فَثَبَتَتِ المَعرِفَةُ ، ونَسُوا المَوقِفَ وسَيَذكُرونَهُ ، ولَولا ذلِكَ لَم يَدرِ أَحَدٌ مَن خالِقُهُ ورازِقُهُ ، فَمِنهُم مَن أَقَرَّ بِلِسانِهِ فِي الذَّرِّ ولَم يُؤمِن بِقَلبِهِ ، فَقالَ اللّهُ : «فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ»۲.۳
الجدير بالذكر أنّه يمكن تفسير الآيات والأحاديث الّتي تناولت بيان الميثاق الفطريّ بتفسيرين :
1 . أن يكون ظاهر هذه الآيات والأحاديث مشيرا إلى مرحلةٍ من حياة البشر قبل نشأة الدنيا؛ إذ عرّف اللّه فيها نفسه لجميع الناس وخاطبهم: «أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ»؟ ، فأجابوا كلّهم: «بَلَى» ، واعترفوا بربوبيّته .
هكذا انعقد ميثاق بين الإنسان وربّه ، يُدعى الميثاق الفطريّ ، ويتمثّل أثر هذا الميثاق في المعرفة القلبيّة للإنسان باللّه ، وتتجلّى هذه المعرفة في ظروف خاصّة ، وإن لم يذكر أحدٌ خصوصيات موقف الميثاق ، كما قال الإمام الصادق عليه السلام في تبيان آية الميثاق:
ثَبَتَتِ المَعرِفَةُ ونَسُوا المَوقِفَ ، وسَيذكُرونَهُ ؛ ولَولا ذلِكَ لَم يَدرِ أحَدٌ مَن خالِقُهُ ورازِقُهُ .

1.راجع : موسوعة العقائد الإسلامية (معرفة اللّه ) : ج ۳ ص ۶۱ ح ۳۴۲۳ .

2.الأعراف : ۱۰۱ .

3.راجع : ص ۳۱۶ ح ۳۱۲۷.

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 208842
الصفحه من 575
طباعه  ارسل الي