395
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3

لِى وَلْيُؤْمِنُواْ بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ» . 1
من هنا ، يعير الأنبياء وأولياء اللّه أهميّة خاصّة للدعاء ومناجاة اللّه سبحانه قبل غيرهم . قال الإمام الباقر عليه السلام في تفسير قوله تعالى : «إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ» :
الأَوّاهُ هو الدَّعّاءُ . 2
وقال الإمام الصادق عليه السلام في جدّه أميرالمؤمنين عليه السلام :
كانَ أميرُالمُؤمِنينَ عليه السلام رَجُلاً دَعّاءً . 3
وما ورد في الباب السابع من هذا الفصل ، نموذج من أدعية أهل البيت عليهم السلام الّتي ترشدنا إلى الحصول على مراتب عالية من معرفة اللّه ـ جلّ شأنه ـ .
وبشأن هذا الأمر ، هناك نقطتان جديرتان بالاهتمام ، هما :

1 . الدعاء مع السعي

النقطة الاُولى هي أنّ الدعاء يُثمر إذا رافقه السعي ، وبذل غاية الجهد للقيام بسائر التعاليم المشار إليها ، بل لا تتحقّق حقيقة الدعاء إلّا بالمجاهدة ، لذا قال الإمام الرضا عليه السلام في حديث له :
مَن سَأَلَ اللّهَ التَّوفيقَ ولَم يَجتَهِد فَقَدِ استَهَزأَ بِنَفسِهِ . ۴

2 . أهمّ شروط الدعاء

لاستجابة الدعاء شروط فصّلتها الأحاديث والروايات المأثورة ، ۵ أهمّها الإخلاص،

1.البقرة : ۱۸۶ .

2.الكافي : ج ۲ ص ۴۶۶ ح ۱ عن زرارة .

3.الكافي : ج ۲ ص ۴۶۸ ح ۸ عن ابن القدّاح .

4.كنز الفوائد : ج ۱ ص ۳۳۰ عن أيّوب بن نوح ، بحارالأنوار : ج ۷۸ ص ۳۵۶ ح ۱۱ .

5.راجع : ميزان الحكمة ، باب ۱۲۰۵ (الدعاء / شرائط استجابة الدعاء) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
394

فكيف يمكن الجمع بين هاتين الطائفتين من الروايات؟
الجواب هو أنّ هذه الأحاديث تعبّر عن التأثير المتبادل لمعرفة اللّه ومعرفة أهل البيت ، فمن جهةٍ معرفة النبيّ صلى الله عليه و آله وأهل بيته ـ كما جاء في الحديث أعلاه ـ فرع معرفة اللّه ، ذلك أنّ النبوّة لا تكتسب معناها إلّا بعد إثبات وجود اللّه ، ومن جهةٍ اُخرى ، ما لم يَدْعُ الأنبياءُ النّاس إلى معرفة اللّه ، وما لم يهيّئوا أرضيّة التفكّر في براهين التوحيد بين ظهراني النّاس ، لا يتوجّه أحد صوب معرفة اللّه عز و جل ، حينئذٍ ـ كما بيّنا ـ ولا يتسنّى نيلُ الدرجات العليا من معرفة اللّه إلّا عن طريق تعليمات النبيّ صلى الله عليه و آله وأهل بيته عليهم السلام وإرشاداتهم .
على هذا الأساس لا تعارض بين الطائفتين من الروايات المشار إليها ، أي في البداية يدعو الأنبياء وأوصياؤهم النّاس إلى معرفة اللّه على أساس البرهان ، وبعد أن عرفوا اللّه سبحانه تدعوهم عقولهم إلى اتّباع رسل اللّه والقادة الربّانيّين ، ويمهّد أئمّة الدين الأرضيّة لتعالي الإنسان وبلوغ الدرجات العليا من مراتب معرفة اللّه .

رابعا : الاستعانة باللّه عز و جل

إنّ التعليم الرابع في السلوك إلى اللّه هو بالتضرّع إليه ـ جلّ شأنه ـ والاستعانة به . وللدعاء في إيصال السالك إلى الهدف طريقيّة وموضوعيّة ، وتعود طريقيّته إلى أنّه مصدر توفيق للإنسان للقيام بسائر برامج السلوك ، أمّا موضوعيّته فتؤول إلى أنّه لُبُّ العبادة 1 .
بل يمكن أن نقول : إذا تحقّقت شروط الدعاء فإنّه من أقرب طرق الوصول إلى الهدف ، بل هو نفسه الطريق الأقرب إلى ذلك ، كما قال تعالى :
«وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِى عَنِّى فَإِنِّى قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ

1.كما روي عن النبيّ صلى الله عليه و آله : «الدعاء مخّ العبادة» ، بحار الأنوار : ج ۹۳ ص ۳۰۰ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 205321
الصفحه من 575
طباعه  ارسل الي