59
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3

الحياة ، كما ورد في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام في معرض بيان جنود العقل والجهل ، حيث يقول :
وَالمُواساةُ وضِدُّهَا المَنعُ . ۱
جدير بالذكر أنّ هذه المؤاساة على نوعين :
الأوّل : المؤاساة بالمال والإمكانات الاقتصاديّة . ۲
الثاني : المؤاساة بالنفس عند مداهمة الأخطار . ۳
ب ـ رعاية حقوق الآخرين بصورة متساوية ، وهذا المعنى من المؤاساة يتجلّى في ممارسات عديدة مثل : المؤاساة في الحكومة ؛ بمعنى إحلال العدالة الاجتماعيّة . والمؤاساة في القضاء ؛ بمعنى إقامة العدالة القضائيّة ، والتعامل بالمساواة مع طرفي النزاع . والمؤاساة في التعليم ؛ بمعنى العدالة التعليميّة والتعامل المتساوي مع الطلّاب . والمؤاساة في الاُسرة ؛ بمعنى رعاية المساواة في توزيع الحبّ على الأولاد . ۴

2 . سبب التأكيد على المؤاساة الماليّة

يجد الباحث في أحاديث هذا القسم أنّ التركيز وقع على المؤاساة في الجانب الاقتصادي . وهنا يبرز سؤال يطرح نفسه بشأن سبب هذا التأكيد على الجانب الاقتصادي من المؤاساة ، وهو : هل هذا الجانب يفوق الجوانب الاُخرى في الأهميّة ؟
والجواب : إنّ ثمّة أنواعا اُخرى من المؤاساة هي دون شكّ ذات قيمة أكبر من المؤاساة الماليّة ؛ مثل المؤاساة بالنفس ، ومن هنا فالتأكيد في النصوص الإسلاميّة

1.الكافي : ج ۱ ص ۲۲ ح ۱۴ عن سماعة بن مهران .

2.راجع : ص ۷۳ (المؤاساة في المال) .

3.راجع : ص ۷۵ (المؤاساة في الحرب) .

4.راجع : ص ۷۳ (الفصل الثاني / أنواع المؤاساة) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
58

وبعبارة أوضح : مدّ يد العون إلى الآخرين يكون على ثلاث درجات ، لكلّ منها عنوانه الخاصّ وقيمته الأخلاقيّة :
الدرجة الاُولى : مساعدة المحتاجين من المال الزائد عن الحاجة ؛ وهو الإنفاق ، والصدقة ، والسّخاء وأمثالها .
الدرجة الثانية : إشراك الآخرين فيما يحتاجه من المال ؛ وهو المؤاساة .
الدرجة الثالثة : تقديم حاجة الآخرين على النفس ؛ وهو الإيثار ، ويعتبر أسمى القيم الأخلاقيّة .

المؤاساة في الحديث

استعملت الأحاديث الإسلاميّة مصطلح «المؤاساة» بنفس المعنى اللغوي له ، حيث إنّها ترِد تارةً بمعنى إشراك الآخرين في التنعّم بمواهب الحياة والإمكانات الاقتصاديّة التي يحتاج إليها الفرد . وتارةً اُخرى بمعنى رعاية العدالة في العلاقات مع الآخرين .
و«التأسّي» و «المؤاساة» بناء على المعنى اللّغوي ، توجيهان هامّان في دائرة الثقافة الإسلاميّة في اتّجاه الإصلاح الخلقي والاقتصادي والحقوقي في المجتمع .
إنّ «التأسّي» بمن يمتلك الغنى الأخلاقي ، والسعي للتشبُّه به ، يقلّل الفقر الأخلاقي ، وممارسة «المؤاساة» تزيل التفاوت الطبقي ، ورعاية «المؤاساة» في التعامل مع الآخرين توفّر الحقوق العادلة المتساوية بين الجميع . وبهذا التفسير ، لابدّ من الوقوف عند عدّة موضوعات في أحاديث هذا الباب :

1 . أنواع المؤاساة

لقد أشرنا إلى أنّ «المؤاساة» في الحديث وردت بمعنيين :
أ ـ مشاركة الآخرين في مشاكل الحياة وصعابها ، وإسهامهم في استثمار إمكانات

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج3
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 208789
الصفحه من 575
طباعه  ارسل الي