159
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4

الواقعة بين نبوّة عيسى عليه السلام والنبيّ الخاتم صلى الله عليه و آله بعهد «فترة الرسل» ، والتي استمرّت 600 عام . ۱
إنّ بعض الروايات تصرّحُ بأنّ الذين يعيشون فترة الفتور مستضعفون ، ولا يحاسبهم اللّه يوم القيامة ۲ . لذا تطرح هذه الشبهة بأنّ الإمامة والهداية لم تستمرّ في زمن الفتور .
يمكننا الردّ على هذه الشبهة بأنّ القرآن والأحاديث سمّت الفاصلة الزمنية بين المسيح عليه السلام والنبيّ الخاتم صلى الله عليه و آله ب «فترة الرسل» ولم تسمّها «فترة الإمامة والحجّة» ، فلا يمكن للنصوص التي تدلّ على زمن الفتور ، نفي استمرار الإمامة والهداية الإلهية في كافّة الأزمان ، فهي لا تعارض تلك النصوص إطلاقا .
كما أنّ القرآن يشير ۳ إلى أنّه قد بعث ثلاثة أنبياء على الأقلّ بين السيّد المسيح عليه السلام وخاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله . بناءً على روايات متعدّدة ، فإنّ لكلّ نبيّ أوصياء ۴ يقومون بالهداية الظاهرية والباطنية لأتباع الحقّ في زمن «فترة الرسل» ۵ ، وآخرهم قبل بعثة الرسول صلى الله عليه و آله كان خالد بن سنان العبسي ۶ ، الذي التقى الرسول صلى الله عليه و آله بابنته . وقد ورد في رواية عن الإمام الصادق أنّه قال :
... إنَّهُ كانَ بَينَ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله وعيسى عليه السلام ولَم يَكُن بَينَهُما فَترَةٌ . ۷

1.يعتقد البعض : إنّ الفترة بين هذين النبيّين أقلّ من ۶۰۰ عام، بينما يعتبرها البعض الآخر أكثر من ذلك. وممّا يقال : إنّ الفترة بين ولادة عيسى عليه السلام وهجرة النبي صلى الله عليه و آله ۶۲۱ سنة و ۱۹۵ يوما حسب التقويم الرومي (راجع: تفسير أبي الفتوح الرازي : ج ۴ هامش الصفحة ۱۵۴ للعلّامة الشعراني) .

2.الكافي : ج۳ ص۲۴۸ ح۱ ، معاني الأخبار : ص۴۰۸ ح۸۶ .

3.يس : ۱۴ .

4.راجع: موسوعة الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السلام : ج۱ (القسم الثالث/ الفصل الأوّل: أحاديث الوصاية).

5.راجع : كمال الدين : ص ۱۶۱ ح ۱۹ و ۲۰ وبحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۳۴۷ ح ۵۰۶ .

6.وقد ورد في بعض الروايات أنّه لم يكن نبيّا، لكن المجلسي قدس سره يقول: «الأخبار الدالّة على نبوّته أقوى و أكثر (بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۴۵۱)» .

7.قصص الأنبياء للراوندي: ص ۲۷۷ ح ۳۳۴ ، بحار الأنوار : ج ۱۴ ص ۴۵۰ ح ۲ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
158

1 . المقصود من «الإمام» أو «الحجّة» أو «العالم» في كافة الروايات المذكورة آنفا هو «الهادي» المذكور في الآية السابعة من سورة الرعد ، وفي الحقيقة إنّ هذه الروايات تفسّر الآية المذكورة والآيات المشابهة لها ، وكلّ من هذه الأسماء يشير إلى صفة من صفات الهادي والمرشد الإلهي في كلّ زمان .
2 . هؤلاء الهداة الذين هم من قبل اللّه ، ويكون وجودهم واحدا تلو الآخر في كافة الأزمان ضرورياً ، هم اعم من الأنبياء وخلفائهم .
3 . الهداة بعد خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله إلى يوم القيامة هم أهل بيته .
4 . من الممكن أن يغيب الهادي في مقاطع من التاريخ لأسباب ما ، وفي هذه الحالة يتمتّع الناس من بركاته التكوينية حتّى ظهوره ، وإن حرموا من بعض منافع وجوده .

نقد الأدلّة التي تنفي استمرار الإمامة

بناء على النقاط المذكورة والتي استقيناها من الأحاديث الصحيحة المؤيَّدة بالقرآن الكريم ، فقد امتدّت الإمامة والهداية الإلهية لتشمل كافّة الأزمان ، ولم تخل الأرض قط من الحجّة الإلهية . لكن هناك نصوص اُخرى قبال الآيات والأحاديث التي تدلّ على هذا المعنى ، والتي تشير حسب الظاهر إلى عدم استمرار الإمامة والهداية في كافّة الأزمنة ، ومن الضروري طرحها هنا ومناقشتها :
1 . ما يدلّ على فترة الانقطاع والفتور
إنّ أهمّ دليل جدير بالمناقشة ، يقام لنقض أدلّة استمرار الإمامة ، هو النصوص التي تدلّ على فترات من الفتور والانقطاع بين بعثة الأنبياء .
إنّ « الفتور » في الأصل ، السكون والهدوء ، لذا سمّيت الفترة الفاصلة بين حركتين ، أو قيامين أو سعيين بفترة الفتور . وقد عبّر القرآن الكريم عن الفترة

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 153167
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي