185
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4

وسياسيّة مقتدرة ، وقد أشارت جميع الروايات التي فسّرت الإمامة على أنّها «نظام الإسلام» أو «نظام المسلمين» ـ والتي أناطت إجراء الأحكام وتقدّم المجتمع الإسلامي بأئمّة الدين ـ إلى هذا النوع من فلسفة الإمامة والحكمة فيها. ۱
الحكمة الثانية: منع الفوضى
على الرغم من إلزام الإسلام المسلمين جميعا بتهيئة الأرضيّة لتأسيس حكومة الصالحين في الأرض، إلّا أنّه لا ينكر في جميع الظروف ضرورة وجود القيادة السياسيّة في المجتمع مهما كانت توجّهاتها الدينيّة، فهو لا يسمح للمجتمع الإسلامي أن يقف حياديّا أو مكتوف اليدين تجاه قضيّة هامّة كمسألة القيادة السياسيّة أو الاستسلام لحالات الفوضى. وإنّ جميع الروايات التي تؤكّد بصورة عامّة مبدأ القيادة السياسيّة في المجتمع ورجحانها على حالات الفوضى والفتنة ، فهي تشير إلى هذه الحكمة على نحو التّرتّب . ۲
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في بيان وجه الحكمة السياسيّة من وجود مطلق القيادة السياسيّة ، ردّا على من كان يرفع شعار : « لا حكم إلّا للّه » وهو شعار مصدره القرآن الكريم ، إلّا أنّ حَمَلَته أرادوا به التمرّد على حكم الإمام عليه السلام :
كَلِمَةُ حَقٍّ يُرادُ بِها باطِلٌ ! نَعَم ، إنَّهُ لا حُكمَ إلّا للّهِِ ، وَلكِنَّ هؤُلاءِ يَقولونَ : لا إمرَةَ إلّا للّهِِ ! وإنَّهُ لابُدَّ لِلنّاسِ مِن أميرٍ ؛ بَرٍّ أو فاجِرٍ ، يَعمَلُ في إمرَتِهِ المُؤمِنُ ، وَيَستَمتِعُ فيهَا الكافِرُ ، ويُبَلِّغُ اللّهُ فيهَا الأَجَلَ ، ويُجمَعُ بِهِ الفَيءُ ، ويُقاتَلُ بِهِ العَدُوُّ ، وتَأمَنُ بِهِ السُّبُلُ ، ويُؤخَذُ بِهِ لِلضَّعيفِ مِنَ القَوِيِّ ؛ حَتّى يَستَريحَ بَرٌّ ، ويُستَراحَ مِن فاجِرٍ. ۳
إنّ شعار «لا حُكمَ إلّا للّهِِ» شعار صحيح في نفسه ، ولكن حملته وهم «الخوارج»

1.راجع : ص ۱۶۳ ح ۳۹۵۱ و ۳۹۵۲ و ص ۱۶۵ ح ۳۹۵۶.

2.راجع : ص ۱۶۶ (الحكمة السياسية / الوقاية من الهرج) .

3.راجع : ص ۱۶۷ ح ۳۹۶۰ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
184

بحث حول فلسفة الإمامة والقيادة

في ضوء ما تقدّم في الفصل الرابع ، فإنّ حكمة الإمامة والقيادة وفلسفتهما من منظار النصوص الدينيّة تقوم على حِكَمٍ ثلاث:

1 . الحِكمَةُ السِّياسِيَّةُ

إنّ هذه الحكمة مورد اتّفاق بين المجتمعات البشرية كافّة؛ وذلك لأنّ الحاجة إلى القيادة السياسيّة أمر ثابت متجذّر في الفطرة البشريّة، من هنا نجد أنّ جميع الاُمم والشعوب كان لها على مرّ العصور والدهور قادة وساسة، وإنّما الاختلاف بينها في طريقة تعيين القائد السياسي وتحديد مواصفاته، أمّا أصل ضرورة إدارة المجتمع فهو أمر مفروغ عنه ولا يمكن إنكاره .
إنّ الإسلام في الوقت الذي يَعتبِر أرقى مراتب الإمامة والقيادة أمرا ضروريّا في حصول التكامل البشري ـ فردا وجماعة ـ ، فإنّه في الوقت نفسه يؤكّد ضرورة وجود القيادة السياسيّة ، حتّى لو لم يتوفّر المناخ المساعد لتولّي القيادة الصالحة.
وبعبارة أكثر وضوحا: إنّ الإمعان في النصوص الدينيّة ، يوقفنا على وجود نوعين من الحكمة على نحو الترتّب في مسألة الإمامة:
الحكمة الاُولى: ضمان استمراريّة النظام الإسلامي
إنّ ممّا لا شكّ فيه هو أنّ بقاء النظام الإسلامي مرهون بوجود قيادة عالمة

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 136679
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي