187
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4

أصحابنا : إنّ هذا القول منه غير مخالف لما عليه الاُمّة ؛ لأنّه إذا كان لا يجوز في العادة أن تستقيم اُمور الناس من دون رئيسٍ يحكم بينهم ، فقد قال بوجوب الرياسة على كلّ حال ، اللّهمّ إلّا أن يقول : إنّه يجوز أن تستقيم اُمور الناس من دون رئيس ، وهذا بعيد أن يقوله. ۱
على كلّ حال فإنّ حكمة القيادة السياسيّة وضرورتها أمر لا ينكر؛ لذا نجد أنّ فكرة الخوارج لمّا كانت على خلاف الفطرة والعقل والدين ، لم تلقَ قبولاً ولم تستمرّ في التأريخ الإسلامي.

2 . الحِكمَةُ الثَّقافِيَّةُ

تنقسم الحكمة الثقافية للإمامة بدورها إلى ثلاثة أقسام:
الأول: الهداية والإرشاد للقيم الدينيّة ، بما يشمل القيادة العلميّة والخُلقيّة والعمليّة.
الثاني: المرجعيّة في حلّ الخلافات العقائديّة والقضائيّة.
الثالث: المنع من تحريف الدين.
لاشكّ في أنّ أكفأ الناس بعد النبي صلى الله عليه و آله لتحمّل أعلى مستويات الزعامة الفكرية في المجتمع في جميع الأبعاد والاتّجاهات ، هو الإمام المعصوم ، وفي حال عدم تمكّن المجتمع الإسلاميّ من الوصول إلى الإمام المعصوم ، فإنّ الفقهاء الحائزين للشرائط هم أحقّ الناس بالزعامة والقيادة.

3 . الحكمة التكوينيّة

يضطلع الإمام المعصوم ـ باعتباره الفرد الأكمل بشريّا على مرّ التأريخ ـ إضافة إلى زعامته السياسيّة والفكريّة ، بدورين أساسيّين في باطن عالم التكوين، وهو ما نعبّر

1.شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ۲ ص ۳۰۸ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
186

استغلّوه من أجل هدف باطل ، وهو الإخلال بنظم المجتمع الإسلامي.
لقد كان الهدف الأساس من وراء شعار الخوارج ، النيل من وحدة المجتمع الإسلامي ، وذلك من خلال الإطاحة بالقيادة السياسيّة، والحال إنّ حفظ النظام واجب في جميع الأحوال:
إنَّ هؤُلاءِ قَد تَمالَؤوا عَلى سَخطَةِ إمارَتي، وسَأَصبِرُ ما لَم أخَف عَلى جَماعَتِكُم، فَإِنَّهُم إن تَمَّموا عَلى فَيالَةِ هذَا الرَّأيِ انقَطَعَ نِظامُ المُسلِمينَ. ۱
وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ هذه الفكرة لم تكن لدى جميع الخوارج، بل كانت عند فرقة منهم ولم يكتب لها الاستمرار طويلاً في تاريخ الإسلام.
قال التفتازاني بعد نقل آراء الأشاعرة والمعتزلة وأتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام في وجوب نصب الإمام وكيفيّة نصبه:
قالت النجدات ـ قوم من الخوارج أصحاب نجدة بن عويمر ـ : إنّه ليس بواجب أصلاً . وقال أبو بكر الأصمّ من المعتزلة : لا يجب عند ظهور العدل والإنصاف لعدم الاحتياج ، ويجب عند ظهور الظالم . وقال هشام القوطي منهم بالعكس ؛ أي يجب عند ظهور العدل لإظهار شرائع الشرع. ۲
وقال ابن حزم الأندلسي عند قول «النجدات»:
وهذه فرقة ما نرى بقي منهم أحدا . ۳
وقال ابن أبي الحديد في ذلك:
فقال المتكلّمون كافّة : الإمامة واجبة ، إلّا ما يُحكى عن أبي بكر الأصمّ من قدماء أصحابنا أنّها غير واجبة ؛ إذا تناصفت الاُمّة ولم تتظالم . وقال المتأخّرون من

1.راجع : ص ۱۶۶ ح ۳۹۵۹ .

2.راجع : شرح المقاصد لسعد الدين التفتازاني : ج ۵ ص ۲۳۶ .

3.الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم : ج ۴ ص ۸۷ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 153002
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي