295
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4

بِذلِكَ الزَّمانُ ، وطابَ بِهِ العَيشُ ، وطُمِعَ في بَقاءِ الدَّولَةِ ، ويَئِسَت مَطامِعُ الأَعداءِ .
وإذا غَلَبَتِ الرَّعِيَّةُ والِيَهُم ، وعَلَا الوالِي الرَّعِيَّةَ ، اختَلَفَت هُنالِكَ الكَلِمَةُ ، وظَهَرَت مَطامِعُ الجَورِ ، وكَثُرَ الإِدغالُ فِي الدّينِ ، وتُرِكَت مَعالِمُ السُّنَنِ ، فَعُمِلَ بِالهَوى ، وعُطِّلَتِ الآثارُ ، وكَثُرَت عِلَلُ النّفوسِ ، ولا يُستَوحَشُ لِجَسيمِ حَدًّ عُطِّلَ ، ولا لِعَظيمِ باطِلٍ أُثِّلَ ۱ ، فَهُنالِكَ تَذِلُّ الأَبرارُ ، وتَعِزُّ الأَشرارُ ، وتَخرَبُ البِلادُ ، وتَعظُمُ تَبِعاتُ اللّهِ عز و جلعِندَ العِبادِ .
فَهَلُمَّ أيُّهَا النّاسُ إلَى التَّعاوُنِ عَلى طاعَةِ اللّهِ عز و جل ، وَالقِيامِ بِعَدلِهِ ، وَالوَفاءِ بِعَهدِهِ ، وَالإِنصافِ لَهُ في جَميعِ حَقِّهِ ، فَإِنَّهُ لَيسَ العِبادُ إلى شَيءٍ أحوَجَ مِنهُم إلَى التَّناصُحِ في ذلِكَ وحُسنِ التَّعاوُنِ عَلَيهِ ، وَلَيسَ أحَدٌ وإنِ اشتَدَّ عَلى رِضَا اللّهِ حِرصُهُ ، وطالَ فِي العَمَلِ اجتِهادُهُ ، بِبالِغٍ حَقيقَةَ ما أعطَى اللّهُ مِنَ الحَقِّ أهلَهُ ، ولكِنّ مِن واجِبِ حُقوقِ اللّهِ عز و جل عَلَى العِبادِ النَّصيحَةَ لَهُ بِمَبلَغِ جُهدِهِم ، وَالتَّعاوُنَ عَلى إقامَةِ الحَقِّ فيهِم .
ثُمَّ لَيسَ امرُؤٌ وإِن عَظُمَت فِي الحَقِّ مَنزِلَتُهُ ، وجَسُمَت فِي الحَقِّ فَضيلَتُهُ ، بِمُستَغنٍ عَن أن يُعانَ عَلى ما حَمَّلَهُ اللّهُ عز و جل مِن حَقِّهِ ، ولا لِامرِىً?مَعَ ذلِكَ خَسِئت بِهِ الاُمورُ ، وَاقتَحَمَتهُ العُيونُ بِدونِ ما أن يُعينَ عَلى ذلِكَ ويُعانَ عَلَيهِ ، وأهلُ الفَضيلَةِ فِي الحالِ وأهلُ النِّعَمِ العِظامِ أكثَرُ في ذلِكَ حاجَةً ، وكُلٌّ فِي الحاجَةِ إلَى اللّهِ عز و جل شَرَعٌ سَواءٌ .
فَأجابَهُ رَجُلٌ مِن عَسكَرِهِ لا يُدرى مَن هُوَ ، ويُقالُ إنَّهُ لَم يُرَ في عَسكَرِهِ قَبلَ ذلِكَ اليَومِ ولا بَعدَهُ ، فَقامَ وأحسَنَ الثَّناءَ عَلَى اللّهِ عز و جل بِما أبلاهُم وأعطاهُم مِن

1.أثلَةُ كلِّ شيءٍ : أصله . وأثَلَ : تأصَّل . وأثَّلَ اللّه ُ ملكَهُ : عظَّمَهُ . وتأثَّل هُوَ : عَظُم (لسان العرب : ج ۱۱ ص ۹ «أثل») .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
294

مِن اُمرائِكُم ، وأعطوهُم مِن أنفُسِكُم ما يُصلِحُ اللّهُ بِهِ أمرَكُم. ۱

۴۲۸۴.الإمام الباقر عليه السلام :خَطَبَ أميرُ المُؤمِنينَ عليه السلام النّاسَ بِصِفّينَ ، فَحَمِدَ اللّهَ وأثنى عَلَيهِ وصَلّى عَلى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ صلى الله عليه و آله ثُمَّ قالَ :
أمّا بَعدُ فَقَد جَعَلَ اللّهُ تَعالى لي عَلَيكُم حَقّا بِوِلايَةِ أمرِكُم ، ومَنزِلَتِيَ الَّتي أنزَلَنِيَ اللّهُ عَزَّ ذِكرُهُ بِها مِنكُم ، ولَكُم عَلَيَّ مِنَ الحَقِّ مِثلُ الَّذي لي عَلَيكُم ، وَالحَقُّ أجمَلُ الأَشياءِ فِي التَّواصُفِ وأوسَعُها فِي التَّناصُفِ، لا يَجري لِأَحَدٍ إلّا جَرى عَلَيهِ ولا يَجري عَلَيهِ إلّا جَرى لَهُ ، وَلَو كانَ لِأَحَدٍ أن يَجرِيَ ذلِكَ لَهُ ولا يَجرِيَ عَلَيهِ لَكانَ ذلِكَ للّهِِ عز و جلخالِصا دونَ خَلقِهِ ؛ لِقُدرَتِهِ عَلى عِبادِهِ ، ولِعَدلِهِ في كُلِّ ما جَرَت عَلَيهِ ضُروبُ قَضائِهِ ، ولكِن جَعَلَ حَقَّهُ عَلَى العِبادِ أن يُطيعوهُ ، وجَعَلَ كَفّارَتَهُم عَلَيهِ بِحُسنِ الثَّوابِ تَفَضُّلاً مِنهُ ، وتَطَوُّلاً بِكَرَمِهِ ، وتَوَسُّعا بِما هُوَ مِنَ المَزيدِ لَهُ أهلاً ، ثُمَّ جَعَلَ مِن حُقوقِهِ حُقوقا فَرَضَها لِبَعضِ النّاسِ عَلى بَعضٍ ، فَجَعَلَها تَتَكافَأُ في وُجوهِها ويوجِبُ بَعضُها بَعضا ولا يُستَوجَبُ بَعضُها إلّا بِبَعضٍ .
فَأَعظَمُ مِمَّا افتَرَضَ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى مِن تِلكَ الحُقوقِ ؛ حَقُّ الوالي عَلَى الرَّعِيَّةِ وحَقُّ الرَّعِيَّةِ عَلَى الوالي ، فَريضَةً فَرَضَهَا اللّهُ عز و جل لِكُلًّ عَلى كُلًّ ، فَجَعَلَها نِظامَ اُلفَتِهِم وعِزّا لِدينِهِم ، وقِواما لِسُنَنِ الحَقِّ فيهِم ، فَلَيسَت تَصلُحُ الرَّعِيَّةُ إلّا بِصَلاحِ الوُلاةِ ، ولا تَصلُحُ الوُلاةُ إلّا بِاستِقامَةِ الرَّعِيَّةِ .
فَإِذا أدَّتِ الرَّعِيَّةُ إلَى الوالي حَقَّهُ ، وأدّى إلَيهَا الوالي كَذلِكَ ، عَزَّ الحَقُّ بَينَهُم ، فَقامَت مَناهِجُ الدّينِ ، وَاعتَدَلَت مَعالِمُ العَدلِ ، وجَرَت عَلى أذلالِهَا السُّنَنُ، فَصَلُحَ

1.نهج البلاغة : الكتاب ۵۰ ، بحار الأنوار : ج ۳۳ ص ۴۶۹ ح ۶۸۲ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 154297
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي