31
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4

سوادها ، وما ورد أَنّه في آية الكرسي ، وأَوّل سورة آل عمران ، وما ورد أَنّ حروفه متفرّقة في سورة الحمد يعرفها الإمام ، وإِذا شاء أَلّفها ودعا بها فاستجيب له ، وما ورد أَن آصف بن برخيا وزير سليمان دعا بما عنده من حروف اسم اللّه الأَعظم فأَحضر عرش ملكة سبأ عند سليمان في أَقلّ من طرفة عين ، وما ورد أَنّ الاسم الأَعظم على ثلاثة وسبعين حرفا ، قسّم اللّه بين أَنبيائه اثنين وسبعين منها ، واستأَثر واحدا منها عنده في علم الغيب ، إِلى غير ذلك من الروايات المشعرة بأنّ له تأليفا لفظيا .
والبحث الحقيقي عن العلّة والمعلول وخواصّها يدفع ذلك كلّه؛ فإنّ التأثير الحقيقي يدور مدار وجود الأَشياء في قوّته وضعفه ، والمسانخة بين المؤثّر والمتأثّر، والاسم اللفظي إِذا اعتبرنا من جهة خصوص لفظه كان مجموعة أَصوات مسموعة هي من الكيفيات العرضية ، وإِذا اعتبر من جهة معناه المتصوّر كان صورة ذهنية لا أَثر لها من حيث نفسها في شيء البتّة ، ومن المستحيل أَن يكون صوت أَوجدناه من طريق الحنجرة أَو صورة خيالية نصوّرها في ذهننا بحيث يقهر بوجوده وجود كلّ شيء ، ويتصرّف فيما نريده على ما نريده ، فيقلب السماء أَرضا ، والأَرض سماءً ، ويحوّل الدنيا إِلى الآخرة ، وبالعكس ، وهكذا ، وهو في نفسه معلول لإرادتنا.
والأَسماء الإلهية واسمه الأَعظم خاصّة وإِن كانت مؤثّرة في الكون ووسائط وأَسبابا لنزول الفيض من الذات المتعالية في هذا العالم المشهود ، لكنّها إِنّما تؤثّر بحقائقها لا بالأَلفاظ الدالّة في لغة كذا عليها ، ولا بمعانيها المفهومة من أَلفاظها المتصوّرة في الأَذهان ، ومعنى ذلك أَنّ اللّه سبحانه هو الفاعل الموجد لكلّ شيء بما له من الصفة الكريمة المناسبة له الّتي يحويها الاسم المناسب ، لا تأثير اللفظ أَو صورة مفهومة في الذهن أَو حقيقة اُخرى غير الذات المتعالية ، إِلّا أَنّ اللّه سبحانه وعد إِجابة دعوة من دعاه كما في قوله: «أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ»۱ ، وهذا يتوقّف على دعاء وطلب حقيقي ، وأَن يكون الدعاء والطلب منه تعالى

1.البقرة : ۱۸۶ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
30

وقال آخرون: الاسم الأعظم ، هو كلّ اسم يدعو به العبد ربّه بكلّ وجوده . ۱
ومنهم من ذكر أنّ الاسم الأعظم اسم جامع للأَسماء كلّها . ۲
ومنهم من يعتقد أنّ الأنبياء مظاهر اُمّهات أسماء الحقّ ، وهي داخلة في الاسم الأعظم الجامع ، ومظهر الحقيقة المحمّديّة . ۳
أجل ، إِنّ الخلاف في تبيان ما غمضت حقيقته على الباحثين طبيعيّ ، بيد أنّي وجدتُ بين الآراء المختلفة الّتي لاحظتها أنّ كلام العلّامة الطباطبائي في تبيينه هو أفضلها .

أَفضل تحقيق في تبيان الاسم الأَعظم

يقول العلّامة الطباطبائي رحمه الله ـ في بيان معنى الاسم الأعظم ـ :
شاع بين النّاس أَنّه اسم لفظي من أَسماء اللّه سبحانه إِذا دُعي به استجيب ، ولا يشذّ من أَثره شيء ، غير أَنّهم لمّا لم يجدوا هذه الخاصّة في شيء من الأَسماء الحسنى المعروفة ولا في لفظ الجلالة اعتقدوا أَنّه مؤلَّف من حروف مجهولة تأليفا مجهولاً لنا ، لو عثرنا عليه أَخضعنا لإرادتنا كلّ شيء .
وفي مزعمة أَصحاب العزائم والدعوات أَنّ له لفظا يدلُّ عليه بطبعه، لا بالوضع اللغوي ، غير أَنّ حروفه وتأليفها تختلف باختلاف الحوائج والمطالب ، ولهم في الحصول عليه طرق خاصّة يستخرجون بها حروفا أوّلاً ، ثمّ يؤلّفونها ويدعون بها على ما نعرفه من راجع فنّهم ۴ . وفي بعض الروايات الواردة إِشعار ما بذلك ، كما ورد أَنّ «بسم اللّه الرحمن الرحيم» أَقرب إِلى اسم اللّه الأَعظم من بياض العين إِلى

1.لمزيد من الاطّلاع على الأقوال الاُخرى راجع : الحاوي للفتاوى للسيوطي : ج ۲ ص ۱۳۵ ح ۱۳۹ .

2.كتاب التعريفات : ص ۱۰ و ۱۱ .

3.شرح فصوص الحكم للقيصريّ : ص ۱۰۸ .

4.كذا في المصدر والظاهر أنّ فيها تصحيف .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 132616
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي