397
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4

قَد فَعَلتُ ذلِكَ ، تُباهِي الاُمَمَ اُمَّتُكَ ، ثُمَّ قالَ : «فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ»۱ . قالَ اللّهُ تَعالى قَد فَعَلتُ ذلِكَ ، وجَعَلتُ اُمَّتَكَ يا أَحمَدُ كَالشّامَةِ البَيضاءِ فِي الثَّورِ الأَسوَدِ ، هُمُ القادِرونَ ، وهُمُ القاهِرونَ ، يَستَخدِمونَ ولايَخدِمونَ ، لِكَرامَتِكَ عَلَيَّ ، وحَقٌّ عَلَيَّ أن اُظهِرَ دينُكَ عَلَى الأَديانِ حَتّى لا يَبقى في شَرقِ الأَرضِ ولا في غَربِها دينٌ إلّا دينُكَ ، ويُؤَدّونَ إلى أهلِ دينِكَ الجِزيَةَ وهُم صاغِرونَ ، «وَ لَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً اُخْرَى * عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَى * عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى * إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى * مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَ مَا طَغَى * لَقَدْ رَأَى مِنْ ءَايَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى»۲ .
فَهذا أعظَمُ يا أَخَا اليَهودِ مِن مُناجاتِهِ لِموسى عليه السلام عَلى طورِ سَيناءَ ، ثُمَّ زادَ اللّهُ مُحَمَّدا صلى الله عليه و آله أن مَثَّلَ النَّبِيّينَ فَصَلّى بِهِم وهُم خَلفَهُ يَقتَدونَ بِهِ ، ولَقَد عايَنَ تِلكَ اللَّيلَةَ الجَنَّةَ وَالنّارَ ، وعُرِجَ بِهِ سَماءً سَماءً ، وسَلَّمَت عَلَيهِ المَلائِكَةُ ، فَهذا أكثَرُ مِن ذلِكَ .
قالَ اليَهودِيُّ : فَإِنَّ اللّهَ تَعالى ألقى عَلى موسى مَحَبَّةً مِنهُ .
فَقالَ لَهُ عليه السلام : لَقَد كانَ كَذلِكَ ، ومُحَمَّدٌ صلى الله عليه و آله ألقى عَلَيهِ مِنهُ مَحَبَّةً ، فَسَمَّاهُ حَبيبا ، وذلِكَ أنَّ اللّهَ تَبارَكَ وتَعالى أرى إبراهيمَ عليه السلام صورَةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه و آله واُمَّتِهِ ، فَقالَ : يا رَبِّ، ما رَأَيتُ مِن اُمَمِ الأَنبِياءِ أنوَرَ مِن هذِهِ الاُمَّةِ ، فَمَن هذا ؟
فَنودِيَ: هذا مُحَمَّدٌ حَبيبي ، لا حَبيبَ لي مِن خَلقي غَيرُهُ ، أحبَبتُهُ قَبلَ أن أخلُقَ سَمائي وَأرضي ، وَسَمَّيتُهُ نَبِيّا وأبوكَ آدَمُ يَومَئِذٍ مِنَ الطّينِ ، ما أجرَيتُ فيهِ روحا ، وأقسَمَ بِحَياتِهِ في كِتابِهِ ، فَقالَ اللّهُ تَعالى : «لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِى سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ»۳ أي : وحَياتِكَ يا مُحَمَّدُ ، وكَفى بِهذا رِفعَةً وشَرَفا مِنَ اللّهِ عز و جل ورُتبَةً .

1.البقرة : ۲۸۶ .

2.النجم : ۱۳ ـ ۱۸ .

3.الحِجر : ۷۲ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
396

وكانَتِ الاُمَمُ السّالِفَةُ حَسَنَتُهُم بِحَسَنَةٍ واحِدَةٍ ، وسَيِّئَتُهُم بِسَيِّئَةٍ واحِدَةٍ ، وجَعَلتُ لِاُمَّتِكَ الحَسَنَةَ بِعَشرٍ ، وَالسَّيِّئَةَ بِسَيِّئَةٍ واحِدَةٍ .
وكانَتِ الاُمَمُ السّالِفَةُ إذا نَوى أحَدُهُم حَسَنَةً لَم تُكتَب لَهُ ، وَإذا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ كَتَبتُها عَلَيهِ وإن لَم يَعمَلها ، وقَد رَفَعتُها عَن اُمَّتِكَ ؛ فَإِذا هَمَّ أحَدُهُم بِسَيِّئَةٍ وَلَم يَعمَلها لَم تُكتَب عَلَيهِ ، وإذا هَمَّ بِحَسَنَةٍ لَم يَعمَلها كُتِبَت لَهُ حَسَنَةٌ .
وكانَتِ الاُمَمُ السّالِفَةُ إذا أذنَبوا كُتِبَت [ذُنوبُهُم] ۱ عَلى أبوابِهِم ، وجَعَلتُ تَوبَتَهُم مِنَ الذَّنبِ أن اُحَرِّمَ عَلَيهِم أحَبَّ الطَّعامِ إلَيهِم . وكانَتِ الاُمَمُ السّالِفَةُ يَتوبُ أحَدُهُم مِنَ الذَّنبِ الواحِدِ المِئَةَ وَالمِئَتَي سَنَةٍ ، ثُمَّ لَم أقبَل تَوبَتَهُ دونَ أن اُعاقِبَهُ فِي الدُّنيا بِعُقوبَةٍ ، وقَد رَفَعتُ ذلِكَ عَن اُمَّتِكَ ، وإنَّ الرَّجُلَ مِن اُمَّتِكَ لَيُذنِبُ المِئَةَ ثُمَّ يَتوبُ ويَندَمُ طَرفَةَ عَينٍ ، فَأَغفِرُ لَهُ ذلِكَ كُلَّهُ وأَقبَلُ تَوبَتَهُ .
وكانَتِ الاُمَمُ السّالِفَةُ إذا أصابَهُم أدنى نَجَسٍ قَرَضوهُ مِن أجسادِهِم ، وقَد جَعَلتُ الماءَ طَهورا لِاُمَّتِكَ مِن جَميعِ الأَنجاسِ ، وَالصَّعيدَ ۲ فِي الأَوقاتِ ۳ ، [و] ۴ هذِهِ مِنَ الآصارِ الَّتي كانَت عَلَيهِم ورَفَعتُها عَن اُمَّتِكَ .
قالَ رَسولُ اللّهِ صلى الله عليه و آله : إذا قَد فَعَلتَ ذلِكَ بي فَزِدني ! فَأَلهَمَهُ اللّهُ تَبارَكَ وتَعالى أن قالَ : «رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا» قالَ اللّهُ تَعالى : قَد فَعَلتُ ذلِكَ بِاُمَّتِكَ ، وقَد رَفَعتُ عَنهُم عَظيمَ بَلايَا الاُمَمِ ، وذلِكَ حُكمي في جَميعِ الاُمَمِ ألّا اُكَلِّفَ نَفسا فَوقَ طاقَتِها ، قالَ : «وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنتَ مَوْلَانَا» قالَ اللّهُ تَعالى :

1.ما بين المعقوفين أثبتناه من بحار الأنوار .

2.الصّعيدُ : التراب (الصحاح : ج ۲ ص ۴۹۸ «صعد») .

3.كذا في المصدر وبحارالأنوار .

4.ما بين المعقوفين أثبتناه من بحارالأنوار .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 155799
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي