ثانيا : ضالّة الإنسان
إنّ فطرة الإنسان تنحو نحو المطلق ، وهي تأمل الوصول إلى مطلق الكمال ، لذا فهي لا تقنع بأيّ حدّ من الكمالات . وهذه الخاصيّة الفطريّة تعدّ إحدى الدلائل المهمّة في معرفة اللّه تعالى ، وقد أشار الإمام الخميني ـ رضوان اللّه عليه ـ إلى هذه النقطة المهمّة في رسالته إلى غرباتشوف ، والّتي جاء فيها :
إنّ الإنسان يطلب بفطرته كل كمال مطلق، وأنتم تعلمون جيّداً أنّ الإنسان يريد أن يكون صاحب القدرة المطلقة في العالم، ولا يتعلق قلبه بشيء من القدرات إذا كانت ناقصة . فلو سيطر على العالم بأكمله ثمّ قيل: إنّ هناك عالَماً آخر؛ فإنّه يميل بفطرته إلى أن يستولي على ذلك العالم أيضاً ! ولو كان الإنسان عالِماً فمهما بلغ علمه إذا قيل له إنّ هناك علوماً اُخرى أيضاً؛ فإنّه يميل بفطرته إلى تحصيل تلك العلوم وكسبها. إذاً لا بدّ من وجود قدرة مطلقة وعِلم مطلق حتّى يتعلق به قلب الإنسان، وهو اللّه سبحانه وتعالى الّذي نسعى إليه جميعاً وإن كنا لا نعلم بذلك . فالإنسان يريد الوصول إلى الحقّ المطلق ـ وهو اللّه ـ لكي يفنى فيه . ۱
إنّ اللّه تعالى بمنحه الإنسان هذه الميزة الفطريّة ، فهو في الحقيقة إنّما يعلّم الراغبين إليه ۲ ، فكأنّه يقول : أيّها الانسان ، أنا ضالّتك ، وأنا مطلوبك ومأمولك الحقيقي، أنا الكمال المطلق الذي تريده من حيث لا تعلم ، فأنا منتهى الآمال جميعا ۳ ، لذا يرغب إليَّ العارفون ۴ ، وأنا منتهى آمالهم، ومحطّ أمانيّهم ، بل فوق ما
1.صحيفة الإمام الخميني : رسالة الإمام إلى غرباتشوف بتاريخ : ۱۱ / ۱۰ / ۱۳۶۷ هـ . ش .
2.راجع : ص ۶۷ (معلّم الأمل) .
3.راجع : ص ۷۶ ح ۳۶۰۳ .
4.راجع : ص ۷۲ (غاية آمال العارفين) .