57
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4

خيّرة وثقة بالنفس ، ثمّ إنّه بحاجة إلى سعي و ثبات وصبر و أناة ، وتوكّل على اللطيف المتعال وطلب العون منه .
وفي المقابل ، فإنّ من آفات بلوغ الآمال ، عدم تحديد الهدف من الحياة ، وعدم معرفة الحاجات الحقيقيّة والأماني الحقّة ، وعدم الاكتراث بالحياة الخالدة ، و انتياب حالات الكسل والجزع ، والانشغال بالأعمال الباطلة والمشاغل الضارّة ، والانحطاط الأخلاقي والعملي ، والأهمّ من كلّ ذلك عدم الاعتماد على المواهب الفطريّة الربّانيّة ، والاعتماد على ما سوى اللّه تعالى في الحياة ، وسوف تأتي لاحقا ـ في الفصل الثالث والرابع ـ الإشارة إلى تعاليم أهل البيت عليهم السلام وإرشاداتهم في هذا الخصوص .

رابعا : خطر طول الأمل

لقد بيّنّا آنفا أن الأمل رحمة إلهيّة مهداة إلى الإنسان ، فهو قوام الحياة ، ولكن قد يظنّ البعض أنّه طالما يجب على الإنسان أن يستفيد من هذه الرحمة والذخيرة الإلهيّة ما استطاع إلى ذلك سبيلاً ، فلماذا تحذّر الروايات الشريفة من خطر طول الأمل ؟
للجواب على هذا التساؤل نقول : صحيح إنّ الأمل نعمة إلهيّة ، ولكن إذا لم توظّف هذه النعمة بالشكل الصحيح ، فإنّها ستنقلب ـ كغيرها من النعم الإلهيّة ـ إلى نقمة ، ممّا يؤدّي إلى تعاسة الإنسان وبؤسه .
إنّ الشرط الأوّل للإفادة من نعمة الأمل هو المعرفة ، فإذا لم يدرك المرء ولم يشخّص ما في هذه الدنيا من آمال عقلانيّة منطقيّة ممكنة الحصول ، فإنّه ينفق عمره في خيالات وأوهام لا تحقّق لها أبدا .
إنّ النقطة الجديرة بالتأمل هي أنّ الروايات قد استعرضت أسباب الآمال الباطلة والرغبات المذمومة وجذورها ، وحصرتها بالجهل والحماقة والغفلة ، والانحطاط الأخلاقي والسلوكي ، وحبّ الدنيا والشقاء ، هذا من جهة . ومن جهة اُخرى فقد عرضت آثار الآمال الباطلة وأضرارها وحصرتها بزوال العقل، وذهاب البصيرة،


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
56

يتمنّون ۱ ، فاذا ارتبطتم بي فسوف تفوزون في الدنيا والآخرة :
«مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِندَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْاخِرَةِ» . ۲
عند ذلك تغمركم الطمأنينة المطلقة :
«أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ » . ۳
وإذا نسيتموني فإنّكم في الحقيقة إنّما تنسون أنفسكم :
«نَسُواْ اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ» . ۴
في هذه الصورة لا تستشعرون الطمأنينة في كلّ ما تنالونه من أمانيّكم :
«وَ مَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا» . ۵
بهذا الحال لو أردت أن اُعرّفك نفسي بأجلى من ذلك ، فأنا الذي لا تقطع دونه الآمال حينما تنقطع عن كلّ شيء ۶ ، وأنا الذي التجأت إليه بكلّ وجودك ، ودعوته وطلبت منه إجابة مسألتك .

ثالثا : طريق بلوغ الآمال وآفاته

حينما يحدّد الإنسان هدفه الأعلى وغاية مناه في الحياة ، فإنّه يجعل كلّ رغباته وطموحاته في اتّجاه ذلك الهدف ، لأنّه يعلم أنّ أيّ رغبة أو طموح في اتّجاه هذا الأمل الكبير هي حقّة صحيحة ، وكلّ ما خالفها باطلٌ زائف .
لكنّ بلوغ الآمال والطموحات الفضلى بحاجة في الخطوة الاُولى إلى دوافع

1.راجع : ص ۷۴ (فوق المُنى) .

2.النساء : ۱۳۴ .

3.الرعد : ۲۸ .

4.الحشر : ۱۹ .

5.طه : ۱۲۴ .

6.راجع : ص ۷۷ (المأمول عند انقطاع الآمال) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج4
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 132578
الصفحه من 531
طباعه  ارسل الي