151
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5

أ ـ شريعة خاتم الأنبياء

إنّ المراد من الإيمان عندما يُذكر إلى جانب الأديان الأُخرى ، هو الشريعة الّتي جاء بها محمّد صلى الله عليه و آله من جانب اللّه ـ تعالى ـ لهداية المجتمع البشري ، نظير الآية التالية : «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِئونَ وَالنَّصَارَى مَنْ ءَامَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْاخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ»۱ .

ب ـ الاعتقاد المقترن بالإقرار بالحقائق الدينية والعمل بها

إنّ المراد من الإيمان في الآيات التي مُدح فيها أهل الإيمان ، هو الاعتقاد القلبي المقترن بإقرار اللسان وعمل الجوارح ، مثل قوله تعالى : «وَ الَّذِينَ ءَامَنُواْ بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَ الشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَ نُورُهُمْ»۲ .

ج ـ الاعتقاد المقترن بالإقرار بالحقائق الدينية

لقد استخدمت هذه الكلمة في العقائد الدينية المقترنة بالاعتراف بها ، وذلك في الآيات الّتي طرح فيها «الإيمان» إلى جانب العمل الصالح ، مثل : «إِنَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَ عَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُوْلَـئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ»۳ .

د ـ الإقرار اللساني بالحقائق الدينية

استُعمل الإيمان بمعنى الإقرار اللساني فقط ، في الآيات الّتي أطلقت فيها كلمة المؤمن على الّذين لا يلتزمون به من الناحية العملية ، أو طلب منهم الإيمان بها ، مثل : «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُمْ فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا * وَإِنَّ مِنكُمْ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُم مُّصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَىَّ إِذْ لَمْ أَكُن مَّعَهُمْ شَهِيدًا * وَلَـئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِّنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَن لَّمْ تَكُن بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَالَيْتَنِى كُنتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا»۴ .
روي عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير هذه الآيات :
لَو أنَّ هذِهِ الكَلِمَةَ قالَها أهلُ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ لَكانوا بِها خارِجينَ مِنَ الإِيمانِ وَلكِن سَمّاهُمُ اللّه ُ مُؤمِنينَ بِإقرارِهِم . ۵
وكقوله تعالى : «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ءَامِنُوا بِاللّه ِ وَرَسُولِهِ» . ۶
الإيمان الأوّل في هذه الآية بمعنى الإقرار باللسان ، والإيمان الثاني بمعنى التصديق القلبي ، كما استُخدم الإيمان في بعضٍ من الأحاديث بمعنى الإقرار باللسان فقط ، مثل ما نُقل عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه خاطب جماعةً من المسلمين قائلاً :
يا مَعشَرَ مَن آمَنَ بِلِسانِهِ ولَم يَخلُصِ الإيمانُ في قلبِهِ ، لا تَتَّبِعوا عَوراتِ المُؤمِنينَ . ۷

1.المائدة : ۶۹ .

2.الحديد : ۱۹ .

3.البيِّنة : ۷ .

4.النساء : ۷۱ ـ ۷۳ .

5.تفسير القمّي : ج ۱ ص ۳۰ .

6.النساء : ۱۳۶ .

7.الأمالي للمفيد : ص ۱۴۱ ح ۸ ، ثواب الأعمال : ص ۲۸۸ ح ۱ ، المحاسن : ج ۱ ص ۱۸۹ ح ۳۱۵ ، بحارالأنوار : ج ۷۵ ص ۲۱۴ ح ۱۰ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
150

الإيمان في الكتاب والسنّة

تحدّث الفقهاء ، والمحدّثون ، والمتكلّمون والمفسّرون كثيرا مّا عن المفهوم الشرعي ل «الإيمان» ، وأبدوا آراءً مختلفة ۱ لا مجال هنا لطرحها ونقدها . سوف نبيّن هنا أوّلاً مفهوم الإيمان بالاستناد إلى نصّ القرآن والأحاديث الإسلامية ، ونبحث الاختلاف بين مفهومي الإيمان والإسلام ، كذلك الاختلاف بين الإيمان واليقين من منظار الروايات ، ثمّ نمضي إلى الإشارة إلى أبرز العناوين المستخدمة في تقويم تحقّق الإيمان الحقيقي ، مثل : «ملاك الإيمان» و«نظام الإيمان» و«دعائم الإيمان» . . . وغيرها .
واستمرارا في البحث ، سوف نستعرض الأُمور الّتي يجب الإيمان بها من وجهة نظر القرآن ، ثمّ نقدم في سبعة فصول اُخرى «مبادئ الإيمان» و«ثبات الإيمان» و«درجات الإيمان» و«آثار الإيمان وبركاته» و«قيمة الإيمان» و«خصائص أهل الإيمان» ، و «مضار عدم الإيمان» . وفيما يلي نقدّم توضيحا مختصرا حول المواضيع المذكورة :

أوّلاً : استخدامات «الإيمان» في الكتاب

تظهر دراسة المواضع الّتي استخدم فيها القرآن الكريم كلمة «الإيمان» أو اشتقاقاتها ، أنّ لهذه الكلمة استعمالات مختلفة في القرآن في إطار معناها اللغوي ، بناءً على ذلك فإنّنا سنستعرض أوّلاً استخدامات «الإيمان» في الكتاب ، ثمّ نستخلص النتائج ، منها :

1.راجع : المعجم في فقه لغة القرآن وسرّ بلاغته : ج ۳ ص ۶۲۹ ـ ۶۵۳ ونضرة النعيم : ج ۳ ص ۶۴۱ ـ ۶۴۵ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 177304
الصفحه من 606
طباعه  ارسل الي