161
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5

خامسا : الاختلاف بين الإيمان واليقين

اليقين لغةً : هو الاطلاع العميق والعلمي الّذي يقترن بِطمأنينة القلب وسكونه إلى المعلوم . ويُطلق في الأحاديث على الحالة الّتي في قمّة مراتب الإيمان ، فبعد اجتياز مرحلة التقوى نقطة تتجلّى فيها له حقائق الوجود ، فهذه المرحلة من الإيمان هي اليقين . على هذا الأساس ، فإنّ الشخص الّذي يصل إلى مرحلة اليقين العُليا ، يشاهد الحقائق غير المحسوسة في العالم بعين قلبه .
ويتبيّن من هذا الإيضاح المراد ممّا روي عن الإمام المجتبى عليه السلام في بيان الاختلاف بين الإيمان واليقين ، هذا هو نصّ الرواية :
لِأَنَّ الإِيمانَ ما سَمِعناهُ بِآذانِنا وَصَدَّقناهُ بِقُلوبِنا ، وَاليَقينَ ما أبصَرناهُ بِأَعيُنِنا وَاستَدلَلنا بِهِ عَلى ما غابَ عَنّا . ۱
بتعبير آخر : الإيمان يدخل القلب عن طريق الدليل والبرهان ، واليقين عن طريق الشهود والعرفان .

1.راجع : ص ۱۹۱ ح ۵۱۸۴ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
160

إجابة على شبهة

قد تُطرح هنا شبهة مفادها أنّ كلمة الإيمان تُستعمل في الكتاب والسنّة ـ كما سبقت الإشارة إليه ـ في الإقرار اللساني مثل كلمة الإسلام . بناءً على ذلك ، لا يوجد اختلاف في تعريف الإيمان والإسلام .
بعبارةٍ أُخرى ، الاختلافات المذكورة تمثّل الاختلاف بين الإسلام والإيمان الحقيقي والظاهري ، لا الاختلاف بين الإسلام والإيمان ؛ لأنّ الإسلام الحقيقي هو الإيمان الحقيقي نفسه ، والإسلام الظاهري هو نفس الإيمان الظاهري .
وللجواب على ذلك نقول :
أوّلاً : إنّ الاستعمال يشمل الحقيقي والمجازي ، بناءً على ذلك لا يمكن القول بعدم وجود اختلاف بين مفهومي الإيمان والإسلام استنادا إلى استعمال هاتين الكلمتين في معنيين متشابهين .
ثانيا : يختلف الإيمان والإسلام من ناحية المفهوم اللغوي ، ومن ناحية مفهومهما في الكتاب والسنّة ، ومن ناحية الأحكام المترتبة عليهما .
أمّا من الناحية اللغوية ، فقد أوضحنا من قبل أنّ الإيمان من مادّة «أمن» الّتي لها معنيان متقاربان ، أحدهما : سكون القلب ، والآخر التصديق ، وكلاهما من فعل القلب ، ولكنّ الإسلام يعني التسليم الّذي يشمل التسليم الظاهري والواقعي .
أما الكتاب والسنّة فقد صرّح القرآن والأحاديث الإسلامية أيضا ـ كما مرّ ذلك بالتفصيل ـ بأنّ للإيمان والإسلام معنيين ، وأنّ الأحكام المترتّبة عليهما مختلفة أيضا .
بعبارةٍ أُخرى ، فإنّ الخروج من الإيمان لا يعني الدخول في الكفر ، وهذا التدبير في التشريع هو من مظاهر الحكمة والرحمة في مدرسة الوحي .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179294
الصفحه من 606
طباعه  ارسل الي