165
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5

عاشرا : مراتب الإيمان

اتّضح لنا أنّ الإيمان هو المعرفة والاعتقاد القلبي المقارن للالتزام العملي ، ونظرا إلى أنّ كلّاً من العلم والعمل قابلان للزيادة والنقصان ، وأنّ الإيمان يتألّف من هذين العنصرين ، فإنّ الإيمان أيضا قابل للزيادة والنقصان ، على هذا الأساس فإنّ اختلاف مراتب الإيمان ودرجاته بديهيّ ولا يقبل الشكّ .
ويمكن أن نستخلص النتائج التالية من الآيات والروايات الّتي وردت في الفصل السادس بهذا الخصوص :
1 . دلّت ثمّة آيات من القرآن على كون الإيمان قابلاً للزيادة ، وعلى الاختلاف بين درجات المؤمنين وتبعا لها فقد أيدت روايات أهل البيت عليهم السلام بصراحة اختلاف مراتب الإيمان ودرجاته . على هذا ، فإنّ ما نُقل عن أبي حنيفة وإمام الحرمين وأمثالهما من أنّ الإيمان لا يقبل الزيادة والنقصان ، إنّما هو كلام ضعيف لا قيمة له . ۱
2 . أدنى درجات الإيمان معرفة التوحيد والنبوّة والإمامة ، والالتزام العملي بهذه الأصول الثلاثة . ۲
3 . يعمل المؤمن في ذروة الالتزام العملي بالمعتقدات الدينية إلى مرتبة التقوى ، وفي ذروة مراتب التقوى يبلغ مرتبة اليقين ، في هذه المرحلة تتجلّى الحقائق الغيبية للإنسان ، ويرتقي إيمانه العلمي إلى الشهود القلبي .
4 . الطريق الوحيد للسير الصحيح والسلوك والارتقاء إلى مراتب الإيمان العليا وبلوغ قمّة اليقين هو السعي من أجل تحلّي الروح بالأخلاق الحسنة والأعمال الصالحة .
5 . من الخطورة بمكان ، دعوة الناس إلى درجات الإيمان العليا والصعود إلى ذروة اليقين دون الأخذ بنظر الاعتبار استعداد المخاطب وقدرته على الاستيعاب ، فما أكثر ما يؤدّي ذلك إلى انحرافه عن مسار الإيمان .

1.راجع : الميزان في تفسير القرآن : ج ۱۸ ص ۲۵۹ .

2.راجع : هذه الموسوعة : ج ۴ ص ۱۸۹ (معرفة الإمام) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
164

ثامنا : مبادئ الإيمان

تمتدّ جذور الإيمان في فطرة الإنسان من وجهة نظر الكتاب والسنّة ، وإنّ العقل والعلم والوحي تُسهم في ازدهار فطرة الإيمان في الظاهر والباطن . بالإضافة إلى ذلك ، فإنّ الأشخاص الّذين يتبعون حجّة العقل والوحي ، تشملهم الهداية الإلهيّة الخاصّة ، ويبلغون مراتب الإيمان العالية بتوفيق اللّه ـ تعالى ـ . سوف نلاحظ الآيات والروايات الدالّة على هذه الملاحظات في الفصل الرابع .

تاسعا : ثبات الإيمان وتزلزله

عن الملاحظة اللّافتة للانتباه والّتي حَظيت بالاهتمام في أحاديث أهل البيت عليهم السلام ، تقسيم الإيمان إلى ثابت وغير ثابت .
فالإيمان الثابت ، هو الإيمان الّذي يرافق الإنسان دائما ويُسمّى الإيمان «المستقرّ» ، والإيمان غير الثابت ، هو الإيمان الّذي ينفصل عن الإنسان بعد فترة ، لذلك يُسمّى «المستودع» ۱ ، بمعنى أنّ جوهر الإيمان أودع لديه لفترة كأمانة ، ولكنّه فقده لأنّه لم يستطع المحافظة عليه كما ينبغي .
ومن خلال التأمّل في هذه الملاحظة ينكشف لنا سرّ سياسي تاريخي مهمّ ، وهو كيف أنّ الأشخاص المؤمنين المضحّين أعرضوا عن الإسلام الحقيقي بعد فترة ، بل إنّهم وقفوا في وجهه وفي وجه المدافعين الحقيقيّين عن الإسلام؟!
إنّ من عوامل ثبات الإيمان ـ من منظار أحاديث أهل البيت عليهم السلام ـ : الورع والانسجام بين الأقوال والأفعال والثبات والصمود في السير على طريق الحق والعمل الصالح ومساعدة البؤساء والاستمداد من اللّه ـ تعالى ـ .
كما أنّ من آفات الإيمان وعوامل تزلزله : الشرك والبدعة والغلوّ والعناد وترك التمسّك بولاية أهل البيت عليهم السلام وإفشاء أسرارهم عليهم السلام والكذب عليهم عليهم السلام وتحليل المحرّمات الإلهيّة والهلع وعدم الحياء والحسد وإيذاء أهل الإيمان وتتّبع هفواتهم وإيذاء الجارّ وأنواع الذنوب الأُخرى بشكلٍ عام .

1.استلهم التعبير ب«المستقرّ» و «المستودع» من الآية ۹۸ من سورة الأنعام ، ويبدو أنّ الروايات الّتي طبّقت هذه الآية على الإيمان الثابت والمتزلزل ، أوضحت تأويل الآية لا تفسيرها .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179138
الصفحه من 606
طباعه  ارسل الي