167
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5

الثاني عشر : مضار عدم الإيمان

إنّ الضرر الأوّل من أضرار انعدام الإيمان هو الحرمان من الهداية الإلهيّة ، وبالتالي الخطأ في النظرة إلى العالم . فالشخص العديم الإيمان يعتبر العالم فاقدا للغاية ، على هذا الأساس فإنّ القيم الأخلاقية لا معنى لها بالنسبة إليه ، لذلك فإنّه يقع بسهولة في مصائد الشياطين الباطنية والظاهرية ، وينفتح أمامه طريق الابتلاء بأنواع المفاسد والمآثم الفردية والاجتماعية ، وبالتالي فإنّ انعدام الإيمان لن تكون له نتيجة سوى الحسرة والندم . سوف نقدّم الآيات والروايات الدالّة على هذا المعنى في الفصل التاسع .

المسافة بين الإيمان والكفر

علينا هنا أن نجيب على هذا السؤال : فيجب القول ـ استنادا إلى ما مرّ في بيان العلاقة بين الجهل والكفر ـ إنّ هناك مسافة بين الكفر والإيمان ، وإنّ الشخص الّذي يشكّ في أُصول الإسلام العقيدية ولكنّه لا ينكرها ، ليس مسلما ولا كافرا ، في حين أنّه لا مسافة بين الكفر والإيمان من الناحية الفقهية ، فكلّ شخص غير مؤمن كافر؟
للجواب على هذا السؤال نقول : إنّ ما يخضع للدراسة في هذا الموضوع ، هو العلاقة بين الجهل والكفر من حيث علم الدلالة لا من حيث الناحية الفقهية ، صحيح أنّه لا مسافة بين الإيمان والكفر من الناحية الفقهية استنادا إلى النصوص الكثيرة الواردة في هذا المجال ۱ ، ولكنّ هناك مسافة بينهما بالتأكيد من حيث علم الدلالة . ولكنّ الشاك ليس كافرا من حيث علم الدلالة ، إلّا إذا أنكر أُصول الإسلام العقيدية ، ولكنّه إذا لم ينكرها خاصّةً إذا كان بصدد التحقّق والعثور على الحقيقة ، فلي س بكافر ، بل يعتبر جاهلاً ومستضعفا من الناحية العقيدية .
على هذا الأساس ، فليس هناك مسافة بين الكفر والإيمان من الناحية الفقهية ، وكلّ شخص ليس بمؤمنٍ حقيقةً أو حكما ، يعتبر كافرا ، ولكن هناك مسافة بين الكفر والإيمان من حيث علم الدلالة ، بعبارةٍ أُخرى فإنّ هناك من حيث علم الدلالة فرقا بين العالم والجاهل الّذي لا ينكر جهله والجاهل الّذي ينكر جهله ، والكافر هو الجاهل الّذي لا ينكر جهله ويدّعي العلم .

1.مثل الآية ۶۷ من سورة النمل ، والرواية ۱۰ و ۱۱ من أُصول الكافي ، ج ۲ ص ۳۸۶ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
166

الحادي عشر : فوائد الإيمان وبركاته

للإيمان آثار و بركات فردية واجتماعية كثيرة لأهل الإيمان والمجتمع الإسلامي ، وتتمثّل أُولى بركات الإيمان في البصيرة والهداية الإلهيّة ، والتي تتمخض عن معرفته ، بحقائق الوجود والنظرة الصحيحة للعالم ، ويصبح على إثرها متمتّعا بخصائص أخلاقية اجتماعية وعملية ودينية قيّمة .
وبفضل الإيمان يتحرّر الإنسان من نير العبودية ، وأصحاب الثروات والطغاة ، وينجو من مصائد تزوير الشيطان والنفس الأمّارة ، وينال بذلك السكينة والسعادة الأبدية وخير الدنيا والآخرة . سوف نستعرض النصوص الّتي وردت فيها الإشارة إلى هذه البركات في الفصل السابع .

عدد المشاهدين : 203149
الصفحه من 606
طباعه  ارسل الي