369
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5

۵۷۵۴.الاُصول الستّة عشر عن زيد الزرّاد :قُلتُ لِأَبي عَبدِ اللّه ِ عليه السلام : نَخشى أن لا نَكونَ مُؤمِنينَ .
قالَ : ولِمَ ذاكَ ؟ فَقُلتُ : وذلِكَ أنّا لا نَجِدُ فينا مَن يَكونُ أخوهُ عِندَهُ آثَرَ مِن دِرهَمِهِ ودينارِهِ ، ونَجِدُ الدّينارَ وَالدِّرهَمَ آثَرَ عِندَنا مِن أخٍ قَد جَمَعَ بَينَنا وبَينَهُ مُوالاةُ أميرِ المُؤمِنينَ عليه السلام .
قالَ : كَلّا ، إنَّكُم مُؤمِنونَ ، ولكِن لا تُكمِلونَ إيمانَكُم حَتّى يَخرُجَ قائِمُنا ، فَعِندَها يَجمَعُ اللّه ُ أحلامَكُم ، فَتَكونونَ مُؤمِنينَ كامِلينَ ، ولَو لَم يَكُن فِي الأَرضِ مُؤمِنونَ كامِلونَ إذاً لَرَفَعَنَا اللّه ُ إلَيهِ وأنكَرتُمُ الأَرضَ وأنكَرتُمُ السَّماءَ .
بَل وَالَّذي نَفسي بِيَدِهِ إنَّ فِي الأَرضِ في أطرافِها مُؤمِنينَ ما قَدرُ الدُّنيا كُلِّها عِندَهُم تَعدِلُ جَناحَ بَعوضَةٍ ، ولَو أنَّ الدُّنيا بِجَميعِ ما فيها وعَلَيها ذَهَبَةٌ حَمراءُ عَلى عُنُقِ أحَدِهِم ثُمَّ سَقَطَ عَن عُنُقِهِ ما شَعَرَ بِها أيُّ شَيءٍ كانَ عَلى عُنُقِهِ ولا أيُّ شَيءٍ سَقَطَ مِنها لِهَوانِها عَلَيهِم ، فَهُمُ الحَفِيُّ (الخَفِيُّ) عَيشُهُم ، المُنتَقِلَةُ دِيارُهُم مِن أرضٍ إلى أرضٍ ، الخَميصَةُ بُطونُهُم مِنَ الصِّيامِ ، الذُّبلَةُ شِفاهُهُم مِنَ التَّسبيحِ ، العُمشُ العُيونِ مِنَ البُكاءِ ، الصُّفرُ الوُجوهِ مِنَ السَّهَرِ ، فَذلِكَ سيماهُم ، مَثَلاً ضَرَبَهُ اللّه ُ فِي الإِنجيلِ لَهُم ، وفِي التَّوراةِ وَالفُرقانِ وَالزَّبورِ وَالصُّحُفِ الاُولى .
وَصَفَهُم فَقالَ : «سِيمَاهُمْ فِى وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِى التَّوْرَاةِ وَ مَثَلُهُمْ فِى الْإِنجِيلِ»۱ عَنى بِذلِكَ صُفرَةَ وُجوهِهِم مِن سَهَرِ اللَّيلِ ، هُمُ البَرَرَةُ بِالإِخوانِ في حالِ العُسرِ وَاليُسرِ ، المُؤثِرونَ عَلى أنفُسِهِم في حالِ العُسرِ ، كَذلِكَ وَصَفَهُمُ اللّه ُ فَقالَ: «وَ يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَ مَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُالْمُفْلِحُونَ»۲ فازوا وَاللّه ِ وأفلَحوا .
إن رَأَوا مُؤمِناً أكرَموهُ ، وإن رَأَوا مُنافِقا هَجَروهُ ، إذا جَنَّهُمُ اللَّيلُ اتَّخَذوا أرضَ اللّه ِ فِراشا وَالتُّرابَ وِسادا ، وَاستَقبَلوا بِجِباهِهِمُ الأَرضَ يَتَضَرَّعونَ إلى رَبِّهِم في فَكاكِ رِقابِهِم مِنَ النّارِ ، فَإِذا أصبَحوا اختَلَطوا بِالنّاسِ لا يُشارُ إلَيهِم بِالأَصابِعِ ، تَنَكَّبُوا الطُّرُقَ ، وَاتَّخَذُوا الماءَ طيبا وطَهوراً ، أنفُسُهُم مَتعوبَةٌ ، وأبدانُهُم مَكدودَةٌ ۳ ، وَالنّاسُ مِنهُم في راحَةٍ .
فَهُم عِندَ النّاسِ شِرارُ الخَلقِ ، وعِندَ اللّه ِ خِيارُ الخَلقِ ، إن حَدَّثوا لَم يُصَدَّقوا ، وإن خَطَبوا لَم يُزَوَّجوا ، وإن شَهِدوا لَم يُعرَفوا ، وإن غابوا لَم يُفقَدوا ، قُلوبُهُم خائِفَةٌ وَجِلَةٌ مِنَ اللّه ِ ، ألسِنَتُهُم مَسجونَةٌ ، وصُدورُهُم وِعاءٌ لِسِرِّ اللّه ِ ، إن وَجَدوا لَهُ أهلاً نَبَذوهُ إلَيهِ نَبذا ، وإن لَم يَجِدوا لَهُ أهلاً ألقَوا عَلى ألسِنَتِهِم أقفالاً غَيَّبوا مَفاتيحَها ، وجَعَلوا عَلى أفواهِهِم أوكِيَةً ، صُلَّبٌ صِلابٌ أصلَبُ مِنَ الجِبالِ لا يُنحَتُ مِنهُم شَيءٌ ، خُزَّانُ العِلمِ ومَعدِنُ الحِكمَةِ ، وتُبّاعُ النَّبِيّينَ وَالصِّدِّيقينَ وَالشُّهَداءُ وَالصّالِحينَ ، أكياسٌ يَحسَبُهُمُ المُنافِقُ خُرسا وعُميا وبُلها وما بِالقَومِ مِن خَرَسٍ ولا عَمىً ولا بَلَهٍ . إنَّهُم لَأَكياسٌ فُصَحاءُ ، حُلَماءُ ، حُكَماءُ أتقِياءُ ، بَرَرَةٌ ، صَفوَةُ اللّه ِ ، أسكَنَتهُمُ الخَشيَةُ للّه ِِ ، وأعيَتهُم ألسِنَتُهُم خَوفا مِنَ اللّه ِ ، وكِتمانا لِسِرِّهِ .
فَواشَوقاه إلى مُجالَسَتِهِم ومُحادَثَتِهِم ، يا كَرباه لِفَقدِهِم ، ويا كَشفَ كَرباه لِمُجالَسَتِهِم . اُطلُبوهُم ، فَإِن وَجَدتُموهُم وَاقتَبَستُم مِن نورِهِم اهتَدَيتُم وفُزتُم بِهِم فِي الدُّنيا وَالآخِرَةِ .
هُم أعَزُّ فِي النّاسِ مِنَ الكِبريتِ الأَحمَرِ، حِليَتُهُم طولُ السُّكوتِ، وكِتمانُ السِّرِّ ۴ ، وَالصَّلاةُ وَالزَّكاةُ وَالحَجُّ وَالصَّومُ ، وَالمُواساةُ لِلإِخوانِ في حالِ اليُسر وَالعُسرِ ، فَذلِكَ حِليَتُهُم ومَحَبَّتُهُم ، يا طوبى لَهُم وحُسنُ مَآبٍ ، هُم وارِثُو الفِردَوسِ ، خالِدينَ فيها ، ومَثَلُهُم في أهلِ الجِنانِ مَثَلُ الفِردَوسِ فِي الجِنانِ ، وهُمُ المَطلوبونَ فِي النّارِ المَحبورونَ فِي الجِنانِ ، فَذلِكَ قَولُ أهلِ النّارِ: «مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُم مِّنَ الْأَشْرَارِ»۵ فَهُم أشرارُ الخَلقِ عِندَهُم ، فَيَرفَعُ اللّه ُ مَنازِلَهُم حَتّى يَرونَهُم ، فَيَكونُ ذلِكَ حَسرَةً لَهُم فِي النّارِ فَيَقولونَ: «يَالَيْتَنَا نُرَدُّ»۶ فَنَكونَ مِثلَهُم فَلَقَد كانوا هُمُ الأَخيارَ ، وكُنّا نَحنُ الأَشرارَ ، فَذلِكَ حَسرَةٌ لِأَهلِ النّارِ . ۷

1.الفتح : ۲۹ .

2.الحشر : ۹ .

3.في المصدر : «مَكدورة» ، والتصويب من بحار الأنوار.

4.في المصدر : «بكتمان السرّ» ، والتصويب من بحار الأنوار .

5.ص : ۶۲ .

6.الأنعام : ۲۷

7.الاُصول الستّة عشر : ص ۱۲۷ ح ۲۰ ، بحارالأنوار : ج ۶۷ ص ۳۵۰ ح ۵۴ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
368

۵۷۵۳.عنه عليه السلام :المُؤمِنُ لَهُ قُوَّةٌ في دينٍ، وحَزمٌ في لينٍ ، وإيمانٌ في يَقينٍ ، وحِرصٌ في فِقهٍ ، ونَشاطٌ في هُدىً ، وبِرٌّ في استِقامَةٍ ، وعِلمٌ في حِلمٍ ، وكَيسٌ في رِفقٍ ، وسَخاءٌ في حَقٍّ ، وقَصدٌ في غِنىً ، وتَجَمُّلٌ في فاقَةٍ ، وعَفوٌ في قُدرَةٍ ، وطاعَةٌ للّه ِِ في نَصيحَةٍ ، وَانتِهاءٌ في شَهوَةٍ ، ووَرَعٌ في رَغبَةٍ ، وحِرصٌ في جِهادٍ ، وصَلاةٌ في شُغُلٍ ، وصَبرٌ في شِدَّةٍ .
وفِي الهَزاهِزِ وَقورٌ ، وفِي المَكارِهِ صَبورٌ ، وفِي الرَّخاءِ شَكورٌ ، ولا يَغتابُ ولا يَتَكَبَّرُ ، ولا يَقطَعُ الرَّحِمَ ، ولَيسَ بِواهِنٍ ، ولا فَظٍّ ولا غَليظٍ ، ولا يَسبِقُهُ بَصَرُهُ ، ولا يَفضَحُهُ بَطنُهُ ، ولا يَغلِبُهُ فَرجُهُ ، ولا يَحسُدُ النّاسَ ، يُعَيَّرُ ولا يُعَيِّرُ ، ولا يُسرِفُ ، يَنصُرُ المَظلومَ ويَرحَمُ المِسكينَ ، نَفسُهُ مِنهُ في عَناءٍ ، وَالنّاسُ مِنهُ في راحَةٍ ، لا يَرغَبُ في عِزِّ الدُّنيا ، ولا يَجزَعُ مِن ذُلِّها ، لِلنّاسِ هَمٌّ قَد أقبَلوا عَلَيهِ ولَهُ هَمٌّ قَد شَغَلَهُ ، لا يُرى في حُكمِهِ نَقصٌ ، ولا في رَأيِهِ وَهنٌ ، ولا في دينِهِ ضَياعٌ ۱ ، يُرشِدُ مَنِ استَشارَهُ ، ويُساعِدُ من ساعَدَهُ ، ويَكيعُ ۲ عَنِ الخَنا وَالجَهلِ. ۳

1.قال العلّامة المجلسي قدس سره : أي دينه قويّ متين لا يضيع بالشكوك والشبهات ولابارتكاب السّيئات (بحار الأنوار : ج ۶۷ ص ۲۷۵) .

2.يكيع كيبيع ؛ بالياء المثناة التحتانية ، وفي بعض نسخ الخصال بالتاء المثناة الفوقانية ، وفي بعضها بالنون ، والكلّ متقاربة في المعنى ، قال في القاموس : كعت عنه أكيع وأكاع كيعا : إذا هبته وجبنت عنه ، وقال : كنع عن الأمر ـ كمنع ـ : هرب وجبن . وقال : كتع ـ كمنع ـ : هرب . وفي النهاية : الخناء : الفحش في القول .والجهل مقابل العلم أو السفاهة والسبّ (بحار الأنوار : ج ۶۷ ص ۲۷۵) .

3.الكافي: ج ۲ ص ۲۳۱ ح ۴، الخصال : ص ۵۷۱ ح ۲، صفات الشيعة : ص ۱۱۰ ح ۵۴، أعلام الدين : ص ۱۰۹ كلّها نحوه، بحارالأنوار : ج ۶۷ ص ۲۷۱ ح ۳ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179425
الصفحه من 606
طباعه  ارسل الي