المدخل
الأُنس لغةً
«الأُنس » في اللغة ضدّ النُفور ، وبمعنى « الاطمئنان إلى الشيء » و « الانسجام معه » و « التعلّق به » . يقول الراغب الأصفهاني في بيان معنى «الأُنس » :
الأُنسُ خِلافُ النُّفورِ. ۱
كما يبيّن ابن فارس أصل هذه الكلمة كالتالي:
الهَمزَةُ وَالنّونُ وَالسّينُ أصلٌ واحِدٌ ، وَهُوَ ظُهورُ الشَّيءِ ، وَكُلُّ شَيءٍ خالَفَ طَريقَةَ التَّوَحُّشِ . . . وَالأُنسُ : أُنسُ الإِنسانِ بِالشَّيءِ إذا لَم يَستَوحِشْ مِنهُ. ۲
وعلى هذا الأساس ، لمّا كانت الاُلفة بالشيء والتعلّق به والانسجام معه مؤدّية إلى قربه وظهوره ، سمّيت بـ « الأُنس » .
الأُنس في الكتاب والسنة
لم تستخدم كلمة « الأُنس » في الكتاب العزيز ، وإنّما استُعملت مشتقّاتها ، مثل « آنستُم » في الآية 6 من سورة النساء : «فَإِنْ ءَانَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ» ، بمعنى أن يكون الشيء محسوسا ومعلوما ، والمراد أنّ آثار البلوغ الفكري عندما تصبح محسوسة وظاهرة لكم ، فإنّ عليكم أن تضعوا أموالهم تحت تصرفهم ، وكذلك «تَسْتَأْنِسُواْ» في الآية 27 من سورة النور : «لَا تَدْخُلُواْ بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّىتَسْتَأْنِسُواْ» ، بمعنى القيام بالعمل الذي يؤدّي إلى الأنس والتعارف ، والمراد بها عدم دخول بيوت الآخرين فجأة .
وأمّا في الأحاديث الإسلامية فقد استخدمت كلمة « الأنس » ومشتقّاتها على نطاق واسع ، وقدّمت فيها إرشادات قيّمة للغاية حول ما يستحقّ الأنس والتعلّق به ، وما لا يستحقّ التعلّق به ، ولكن من المستحسن الالتفات إلى الملاحظات التالية قبل ملاحظة نصوص الأحاديث المذكورة :