387
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5

3 . أكثر أنواع « الاُنس » قيمة

إنّ أفضل صديق يمكن للإنسان أن يأنس به ويدوم أُنسه به هو اللّه سبحانه وتعالى ، فقد روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال :
لا يَستَوحِشُ مَن كانَ اللّه ُ أنيسَهُ . ۱
وهذا الحديث يعني أنّ الأُنس الحقيقي باللّه ـ تعالى ـ يستلزم الاطمئنان المطلق ، الذي يأنس باللّه حقيقة سوف لا يُبتلى في حياته بالخوف والقلق أبدا .

4 . إرشادات أهل البيت عليهم السلام لتحقيق الأُنس باللّه عز و جل

إذا أخذنا بنظر الاعتبار أهمّية الأُنس باللّه والدور الذي يؤدّيه في بناء الإنسان وتأمين راحته ، فقد قدّمت أحاديث أهل البيت عليهم السلام ثلاثة إرشادات مهمّة للأُنس باللّه والتعلّق به :
الإرشاد الأوّل ، هو ذكر اللّه ، كما روي عن الإمام علي عليه السلام :
الذِّكرُ مِفتاحُ الاُنسِ. ۲
وعلى هذا ، كلّما استخدم الإنسان هذا المفتاح للتعلّق باللّه أكثر ، كلّما زاد أُنسه باللّه ـ تعالى ـ وحقّق اطمئنانا أكثر ، كما يؤكّد القرآن ذلك قائلاً :
« أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَـئِنُّ الْقُلُوبُ » . ۳
ويتمثّل الإرشاد الثاني في اجتناب صحبة أهل الغفلة ، حيث تعتبر آفة الذكر والأُنس باللّه . وعلى هذا ، فمن أراد أن يأنس باللّه ، فعليه أن يتجنّب بشدّة معاشرة الغافلين ؛ ذلك لأنّ الأُنس باللّه ينافر الاُلفة مع الغافلين ، كما روي عن الإمام علي عليه السلام :
كَيفَ يَأنَسُ بِاللّه ِ مَن لا يَستَوحِشُ مِنَ الخَلقِ . ۴
ولاشكّ في أنّ المراد من « الخلق » في هذا الحديث والأحاديث المشابهة ليس هو الذاكرين ؛ لأنّ معاشرة أهل الذكر هي بحدّ ذاتها ، عامل مستقلّ لذكره والأُنس به ؛ بل المقصود ، اجتناب معاشرة الغافلين .
الإرشاد الثالث : الاستمداد من اللّه ـ تعالى ـ ، حيث إنّ أهل البيت أنفسهم كانوا يطلبون ذلك من اللّه كرارا : « اللّهمّ اجعلنا . . . آنسين بك » . ۵ أو « آنسني بك ياكريم » . ۶ أو « واجعل أُنسي بك » ، ۷ كما نرى في الدعاء الذي نقلته الصحيفة السجّادية عن الإمام زين العابدين عليه السلام ، أنّه يطلب من اللّه ـ تعالى ـ الوحشة من الأشخاص السيئين والغافلين والاُنس باللّه وأوليائه :
وألبِس قَلبِيَ الوَحشَةَ مِن شِرارِ خَلقِكَ ، وهَب لِيَ الاُنسَ بِكَ وبِأَولِيائِكَ وأهلِ طاعَتِكَ. ۸

1.راجع : ص ۳۹۱ ح ۵۷۸۰.

2.راجع : ص ۳۹۶ ح ۵۸۰۶.

3.الرعد : ۲۸ .

4.راجع : ص ۳۹۷ ح ۵۸۱۲.

5.راجع : ص ۳۹۸ ح ۵۸۱۶.

6.راجع : ص ۳۹۹ ح ۸۲۲۰.

7.راجع : ص ۳۹۹ ح ۵۸۲۱.

8.راجع : ص ۳۹۹ ح ۵۸۲۲.


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
386

1 . حاجة الإنسان إلى « الأنس »

الملاحظة الاُولى التي تستحقّ التأمّل أنّ عدم الحاجة إلى الأنس والأنيس خاصّ باللّه ـ تعالى ـ ، كما روي عن الإمام الصادق عليه السلام .
سُبحانَ مَن لا يَستَأنِسُ بِشَيءٍ أبقاهُ ، ولا يَستَوحِشُ مِن شَيءٍ أفناهُ. ۱
وكلمة الإنسان مشتقّة من مادّة « أُنس » ، فهو بحاجة إلى الاُنس بالآخرين في حياته ، ولذلك عُدّ « الأُنس » ـ كالاُلفة ۲ ـ من جنود العقل ، ويجب على الإنسان من أجل تحقيق الحياة المطلوبة ، أن يوظّف هذه الخصوصية الفطرية .

2 . سَوقُ الاستئناس نحو ماله ثبات

لا شكّ في أنّ عاقبة الأُنس والتعلّق بالاُمور الزائلة ، هي الانفصال والوحشة ، وكلّما كان الأُنس أشدّ ، فإنّ الانفصال سيكون أكثر وحشة أيضا ، كما نقل عن النبي سليمان عليه السلام :
آنَسُ شَيءٍ الرّوحُ تَكونُ فِي الجَسَدِ وأوحَشُ شَيءٍ الجَسَدُ تُنزَعُ مِنهُ الرّوحُ. ۳
على هذا الأساس ، فإنّ الأحاديث الإسلامية تسوق تعلّق الإنسان بالاُمور الزائلة بشكل بحيث لا يكون الانفصال عنها خطيرا ، في نفس الوقت الذي تؤمّن فيه الحاجات المادّية والمؤقتة.

1.الدعوات : ص ۲۴۰ ح ۶۷۲ ، بحار الأنوار : ج ۸۲ ص ۱۷۲ ح ۶ .

2.روي عن الإمام الصادق عليه السلام في بيان جنود العقل والجهل : « والاُلفة وضدّها الفرقة » ( موسوعة العقائد الإسلامية (المعرفة) : ج ۱ ص ۳۴۰ ) .

3.الزهد لابن حنبل : ص ۵۲ ، الدرّ المنثور : ج ۵ ص ۶۴۹ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179241
الصفحه من 606
طباعه  ارسل الي