3 . أكثر أنواع « الاُنس » قيمة
إنّ أفضل صديق يمكن للإنسان أن يأنس به ويدوم أُنسه به هو اللّه سبحانه وتعالى ، فقد روي عن رسول اللّه صلى الله عليه و آله أنّه قال :
لا يَستَوحِشُ مَن كانَ اللّه ُ أنيسَهُ . ۱
وهذا الحديث يعني أنّ الأُنس الحقيقي باللّه ـ تعالى ـ يستلزم الاطمئنان المطلق ، الذي يأنس باللّه حقيقة سوف لا يُبتلى في حياته بالخوف والقلق أبدا .
4 . إرشادات أهل البيت عليهم السلام لتحقيق الأُنس باللّه عز و جل
إذا أخذنا بنظر الاعتبار أهمّية الأُنس باللّه والدور الذي يؤدّيه في بناء الإنسان وتأمين راحته ، فقد قدّمت أحاديث أهل البيت عليهم السلام ثلاثة إرشادات مهمّة للأُنس باللّه والتعلّق به :
الإرشاد الأوّل ، هو ذكر اللّه ، كما روي عن الإمام علي عليه السلام :
الذِّكرُ مِفتاحُ الاُنسِ. ۲
وعلى هذا ، كلّما استخدم الإنسان هذا المفتاح للتعلّق باللّه أكثر ، كلّما زاد أُنسه باللّه ـ تعالى ـ وحقّق اطمئنانا أكثر ، كما يؤكّد القرآن ذلك قائلاً :
« أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَـئِنُّ الْقُلُوبُ » . ۳
ويتمثّل الإرشاد الثاني في اجتناب صحبة أهل الغفلة ، حيث تعتبر آفة الذكر والأُنس باللّه . وعلى هذا ، فمن أراد أن يأنس باللّه ، فعليه أن يتجنّب بشدّة معاشرة الغافلين ؛ ذلك لأنّ الأُنس باللّه ينافر الاُلفة مع الغافلين ، كما روي عن الإمام علي عليه السلام :
كَيفَ يَأنَسُ بِاللّه ِ مَن لا يَستَوحِشُ مِنَ الخَلقِ . ۴
ولاشكّ في أنّ المراد من « الخلق » في هذا الحديث والأحاديث المشابهة ليس هو الذاكرين ؛ لأنّ معاشرة أهل الذكر هي بحدّ ذاتها ، عامل مستقلّ لذكره والأُنس به ؛ بل المقصود ، اجتناب معاشرة الغافلين .
الإرشاد الثالث : الاستمداد من اللّه ـ تعالى ـ ، حيث إنّ أهل البيت أنفسهم كانوا يطلبون ذلك من اللّه كرارا : « اللّهمّ اجعلنا . . . آنسين بك » . ۵ أو « آنسني بك ياكريم » . ۶ أو « واجعل أُنسي بك » ، ۷ كما نرى في الدعاء الذي نقلته الصحيفة السجّادية عن الإمام زين العابدين عليه السلام ، أنّه يطلب من اللّه ـ تعالى ـ الوحشة من الأشخاص السيئين والغافلين والاُنس باللّه وأوليائه :
وألبِس قَلبِيَ الوَحشَةَ مِن شِرارِ خَلقِكَ ، وهَب لِيَ الاُنسَ بِكَ وبِأَولِيائِكَ وأهلِ طاعَتِكَ. ۸