469
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5

خلق آدم وفرضية التكامل

استرعى موضوع خلق آدم اهتمام العلماء منذ القدم وقد قدمت حتى الآن نظريتان رئيستان في هذا المجال : 1 . نظرية ثبوت صفات الأنواع والخلق المستقل fixism ؛ 2 . نظرية تطور الأنواع والتغير التدريجي لصفات الأنواع والترابط بين أجيال الكائنات الحية وتكاملية حياتها ( transformism ) .
وقد طرح العلماء المسلمون هذه القضية على بساط البحث والنقاش مستلهمين في ذلك من القرآن ، حيث إن لكل من النظريتين السابقتين أنصارا وقد تم الاستدلال بآيات من القرآن لإثبات كل منهما : وقد رأت الأغلبية الساحقة من المفسرين ، ومن جملتهم الشيخ الطوسي ، ۱ الطبرسي ، ۲ السيوطي ، ۳ ابن كثير ، ۴ المراغي ۵ والعلامة الطباطبائي ۶ أن الخلق الابتدائي لآدم من التراب يتطابق مع آيات القرآن ( خلافا لفرضية التكامل ) . كما اعتبره البعض الآخر منسجما مع القرآن ۷ . وأخذ البعض أيضا بنظرية التكامل بشكل ضمني وحاولوا تطبيقها (بشكل اجمالي ) على القرآن . ۸
يقول العلّامة الطباطبائي :
وربما استُدلّ على هذا القول بقوله تعالى : «إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ»۹ ، بتقريب أن الاصطفاء هو انتخاب صفوة الشيء وإنما يصدق الانتخاب فيما إذا كان هناك جماعة يختار المصطفى من بينهم ويؤثر عليهم كما اصطفى كلّ من نوح وآل إبراهيم وآل عمران من بين قومهم ولازم ذلك أن يكون مع آدم قوم غيره فيصطفى من بينهم عليهم ، وليس إلّا البشر الأولي غير المجهّز بجهاز التعقّل فاصطفى آدم من بينهم فجهّز بالعقل فانتقل من مرتبة نوعيتهم إلى مرتبة الإنسان المجهّز بالعقل الكامل بالنسبة إليهم ثم نسل وكثر نسله وانقرض الإنسان الأولي الناقص .
وفيه أن «الْعَالَمِينَ» في الآية جمع محلّى باللام وهو يفيد العموم ويصدق على عامة البشر إلى يوم القيامة فهم مصطفون على جميع المعاصرين لهم والجائين بعدهم كمثل قوله : «وَ مَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلَا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ» فما المانع من كون آدم مصطفى مختارا من بين أولاده ما خلا المذكورين منهم في الآية ؟
وعلى تقدير اختصاص الاصطفاء بما بين المعاصرين وعليهم ما هو المانع من كونه مصطفى مختارا من بين أولاده المعاصرين له ولا دلالة في الآية على كون اصطفائه أول خلقته قبل ولادة أولاده . ۱۰
ويقول في موضع آخر :
وكيف كان فظاهر الآيات القرآنية هو الصورة الأخيرة وهي انتهاء النسل الحاضر إلى آدم وزوجه المتكوّنين من الأرض من غير أب واُمّ . ۱۱
وتؤيد التوراة أيضا الخلق الابتدائي لآدم من التراب وهي تتفق مع القرآن من هذه الجهة ؛ حيث تقول :
خلق اللّه آدم من تراب الأرض ونفخ في أنفه روح الحياة وأصبح آدم نفسا حية ۱۲ .
الجدير بالذكر أن الاعتقاد بنظرية التكامل ، لا يعني أبدا إنكار الصانع وعدم الالتفات إلى اللّه والدين ولا يتنافى مع الاعتقاد بربوبية اللّه ؛ لأن تحول شيء إلى شيء في آخر العالم ـ سواء في الأجناس ، أو أي شيء آخر ـ يدل على اتقان نظام الطبيعة الذي تم تصميمه بقدرة اللّه الحكيم .
ويصرح داروين نفسه بأنه مؤمن باللّه في نفس الوقت الذي يؤمن فيه بتكامل الأنواع ، بل لا يمكن أساسا الاستدلال على التكامل بدون الإيمان باللّه ۱۳ .
ومن جهة اُخرى فعلى الرغم من أن داروين وفريقا من أنصار نظريته ، ينحدرون بجنس الإنسان إلى نوع من القردة كانت تشبه إلى أقصى الحدود الإنسان في الظاهر ، إلّا أن بعض أنصار هذه النظرية لم يعتمدوا ذلك خاصة وإن هناك اختلافات كثيرة في الحلقة المفقودة بين الإنسان والكائنات الاُخرى ۱۴ . ۱۵

1.التبيان في تفسير القرآن : ج ۱ ص ۱۳۶ ـ ۱۳۷ .

2.مجمع البيان : ج ۲ ص ۷۶۳ .

3.الدرّ المنثور : ج ۱ ص ۱۱۱ .

4.تفسير ابن كثير : ج ۲ ص ۳۱۱ و ص ۵۷۰ .

5.تفسير المراغي : مج ۱ ج ۳ ص ۱۷۳ .

6.الميزان في تفسير القرآن : ج ۴ ص ۱۴۳ ـ ۱۴۴ و ج ۱۶ ص ۲۵۵ ـ ۲۶۰ .

7.آدم وحواء : ص ۵۹ .

8.البحث حول نظرية التطور : ص ۲۲ ـ ۴۳ .

9.آل عمران : ۳۳ .

10.الميزان في تفسير القرآن : ج۱۶ ص۲۵۹ .

11.الميزان في تفسير القرآن : ج ۱۶ ص ۲۵۶ .

12.الكتاب المقدّس : سفر التكوين۲ : ص ۷ .

13.البحث حول نظرية التطور : ص ۱۴ ـ ۱۵ ، تكامل جانداران (بالفارسيّة ) : ص ۱۷ ـ ۱۹ ، الأمثل في تفسير كتاب اللّه المنزل : ج ۸ ص ۷۶ .

14.آفرينش وإنسان ( بالفارسيّة ) : ص ۹۱ ـ ۹۴، البحث حول نظرية التطور : ص ۱۳ .

15.اُخذ هذا التحليل من «دائرة المعارف قرآن كريم (بالفارسيّة)» : ج ۱ ص ۱۲۸ ـ ۱۲۹ .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
468

۵۹۶۴.بحارالأنوار عن المفضّل بن عمر :فَقُلتُ [أي لِلإِمامِ الصّادِقِ عليه السلام ] : صِف نُشوءَ الأَبدانِ ونُمُوَّها حالاً بَعدَ حالٍ حَتّى تَبلُغَ التَّمامَ وَالكَمالَ .
فَقالَ عليه السلام : أوَّلُ ذلِكَ تَصويرُ الجَنينِ فِي الرَّحِمِ حَيثُ لا تَراهُ عَينٌ ولا تَنالُهُ يَدٌ ، ويُدَبِّرُهُ حَتّى يَخرُجَ سَوِيّا مُستَوفِيا جَميعُ ما فيهِ قِوامُهُ وصَلاحُهُ مِنَ الأَحشاءِ وَالجَوارِحِ وَالعَوامِلِ إلى ما في تَركيبِ أعضائِهِ مِنَ العِظامِ وَاللَّحمِ وَالشَّحمِ وَالمُخِّ وَالعَصَبِ وَالعُروقِ وَالغَضاريفِ ، فَإِذا خَرَجَ إلَى العالَمِ تَراهُ كَيفَ يَنمي بِجَميعِ أعضائِهِ ، وهُوَ ثابِتٌ عَلى شِكلِهِ وهَيئتِهِ لا تَتَزايَدُ ولا تَنقُصُ ، إلى أن يَبلُغَ أشُدَّهُ إن مُدَّ في عُمُرِهِ أو يَستَوفِيَ عُمُرَهُ أو يَستَوفِيَ مُدَّتَهُ قَبلَ ذلِكَ ، هَل هذا إلّا مِن لَطيفِ التَّدبيرِ وَالحِكمَةِ ؟ ۱

1.بحار الأنوار : ج ۶۱ ص ۳۲۱ ح ۳۰ نقلاً عن توحيد المفضّل .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179297
الصفحه من 606
طباعه  ارسل الي