475
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5

موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
474

۵۹۶۷.الإمام الباقر عليه السلامـ في قَولِهِ تَعالى :«وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً»ـ :خُلِقَ كُلُّ شَيءٍ مُنكَبّا غَيرَ الإِنسانِ خُلِقَ مُنتَصِبا . ۱

۵۹۶۸.الإمام الهادي عليه السلامـ في رِسالَتِهِ فِي الرَّدِّ عَلى أهلِ الجَبرِ وَالتَّفويضِ ـ :إنّا نَبدَأُ مِن ذلِكَ بِقَولِ الصّادِقِ عليه السلام : «لا جَبرَ ولا تَفويضَ ولكِن مَنزِلَةٌ بَينَ المَنزِلَتَينِ ، وهِيَ صِحَّةُ الخِلقَةِ ، وتَخلِيَةُ السَّربِ ۲ ، وَالمُهلَةُ فِي الوَقتِ ، وَالزّادُ مِثلُ الرّاحِلَةِ ، وَالسَّبَبُ المُهَيِّجُ لِلفاعِلِ عَلى فِعلِهِ» ، فَهذِهِ خَمسَةُ أشياءَ جَمَعَ بِهَا الصّادِقُ عليه السلام جَوامِعَ الفَضلِ ، فَإِذا نَقَصَ العَبدُ مِنها خَلَّةً كانَ العَمَلُ عَنهُ مَطروحا بِحَسَبِهِ .
فَأَخبَرَ الصّادِقُ عليه السلام بِأَصلِ ما يَجِبُ عَلَى النّاسِ مِن طَلَبِ مَعرِفَتِهِ ، ... وأنَا مُفَسِّرُها بِشَواهِدَ عَنِ القُرآنِ وَالبَيانِ إن شاءَ اللّه ُ .
تَفسيرُ صِحَّةِ الخِلقَةِ : أمّا قَولُ الصّادِقِ عليه السلام ، فَإِنَّ مَعناهُ كَمالُ الخَلقِ لِلإِنسانِ ، وكَمالُ الحَواسِّ ، وثَباتُ العَقلِ وَالتَّمييزِ ، وإطلاقُ اللِّسانِ بِالنُّطقِ ، وذلِكَ قَولُ اللّه ِ : «وَ لَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِى الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ رَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَ فَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً» فَقَد أخبَرَ عَزَّ وجَلَّ عَن تَفضيلِهِ بَني آدَمَ عَلى سائِرِ خَلقِهِ ، مِنَ البَهائِمِ وَالسِّباعِ ودَوابِّ البَحرِ وَالطَّيرِ ، وكُلِّ ذي حَرَكَةٍ تُدرِكُهُ حَواسُّ بَني آدَمَ بِتَمييزِ العَقلِ وَالنُّطقِ ، وذلِكَ قَولُهُ : «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِى أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ»۳ وقَولُهُ : «يَاأَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِى خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِى أَىِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ»۴ وفي آياتٍ كَثيرَةٍ ، فَأَوَّلُ نِعمَةِ اللّه ِ عَلَى الإِنسانِ صِحَّةُ عَقلِهِ ، وتَفضيلُهُ عَلى كَثيرٍ مِن خَلقِهِ بِكَمالِ العَقلِ وتَمييزِ البَيانِ ، وذلِكَ أنَّ كُلَّ ذي حَرَكَةٍ عَلى بَسيطِ الأَرضِ هُوَ قائِمٌ بِنَفسِهِ بِحَواسِّهِ ، مُستَكمِلٌ في ذاتِهِ ، فَفَضَّلَ بَني آدَمَ بِالنُّطقِ الَّذي لَيسَ في غَيرِهِ مِنَ الخَلقِ المُدرِكِ بِالحَواسِّ ، فَمِن أجلِ النُّطقِ مَلَّكَ اللّه ُ ابنَ آدَمَ غَيرَهُ مِنَ الخَلقِ ، حَتّى صارَ آمِرا ناهِيا ، وغَيرُهُ مُسَخَّرٌ لَهُ ، كَما قالَ اللّه ُ : «كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُواْ اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ»۵ وقالَ : «وَ هُوَ الَّذِى سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُواْ مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَ تَسْتَخْرِجُواْ مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا»۶ وقال : «وَ الْأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْ ءٌ وَ مَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ * وَ لَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَ حِينَ تَسْرَحُونَ * وَ تَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلَا بِشِقِّ الْأَنفُسِ»۷ فَمِن أجلِ ذلِكَ دَعَا اللّه ُ الإِنسانَ إلَى اتِّباعِ أمرِهِ ، وإلى طاعَتِهِ بِتَفضيلِهِ إيّاهُ بِاستِواءِ الخَلقِ وكَمالِ النُّطقِ وَالمَعرِفَةِ ، بَعدَ أن مَلَّكَهُمُ استِطاعَةَ ما كانَ تَعَبَّدَهُم بِهِ ، بِقَولِهِ : «فَاتَّقُواْ اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَ اسْمَعُواْ وَ أَطِيعُواْ»۸ وقَولِهِ : «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَا وُسْعَهَا»۹ وقَولِهِ : «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَا مَا ءَاتَـاهَا»۱۰ وفي آياتٍ كَثيرَةٍ .
فَإِذا سَلَبَ مِنَ العَبدِ حاسَّةً مِن حَواسِّهِ ، رَفَعَ العَمَلَ عَنهُ بِحاسَّتِهِ ، كَقَولِهِ : «لَّيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ»۱۱ الآيَةَ ، فَقَد رَفَعَ عَن كُلِّ مَن كانَ بِهذِهِ الصِّفَةِ الجِهادَ وجَميعَ الأَعمالِ الَّتي لا يَقومُ [إلّا] ۱۲ بِها ، وكَذلِكَ أوجَبَ عَلى ذِي اليَسارِ الحَجَّ وَالزَّكاةَ لِما مَلَّكَهُ مِنِ استِطاعَةِ ذلِكَ ، ولَم يوجِب عَلَى الفَقيرِ الزَّكاةَ وَالحَجَّ ، قَولُهُ : «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً»۱۳ ، وقَولُهُ فِي الظِّهارِ : «وَ الَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُواْ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ» إلى قَولِهِ : «فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا»۱۴ كُلُّ ذلِكَ دَليلٌ عَلى أنَّ اللّه َ تَبارَكَ وتَعالى لَم يُكَلِّف عِبادَهُ إلّا ما مَلَّكَهُمُ استِطاعَتَهُ بِقُوَّةِ العَمَلِ بِهِ ، ونَهاهُم عَن مِثلِ ذلِكَ فَهذِهِ صِحَّةُ الخِلقَةِ . ۱۵

1.تفسير العيّاشي : ج ۲ ص ۳۰۲ ح ۱۱۳ عن جابر ، بحارالأنوار : ج ۶۰ ص ۳۰۰ ح ۸ .

2.السَّرْبُ : المسلك والطريق (النهاية : ج ۲ ص ۳۵۶ «سرب») .

3.التين : ۴ .

4.الانفطار : ۶ ـ ۸ .

5.الحجّ: ۳۷ .

6.النحل : ۱۴ .

7.النحل: ۵ ـ ۷ .

8.التغابن: ۱۶ .

9.البقرة : ۲۸۶ .

10.الطلاق : ۷ .

11.النور : ۶۱ .

12.ما بين المعقوفين لم يذكر في المصدر ، وأثبتناه من بحارالأنوار .

13.آل عمران : ۹۷ .

14.المجادلة : ۳ ـ ۴ .

15.تحف العقول : ص ۴۶۰ و ۴۷۲ ، بحارالأنوار : ج ۵ ص ۷۰ ح ۱ .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج5
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 179397
الصفحه من 606
طباعه  ارسل الي