167
موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6

سابعا : دلالة الحديث على إمامة الإمام المهدي عليه السلام

من أوضح رسالات حديث الثّقلين هي بقاء أهل البيت حتّى يوم القيامة ، فلو لم يكن آل النبيّ صلى الله عليه و آله باقين حتّى القيامة ، لما كان هناك من معنى للوصيّة بالتمسّك بهم حتّى يوم الدين . ۱
ولإيضاح هذه الرسالة نرى من الضروري بيان ثلاث اُمور :

1 . غيبة الإمام المهدي عليه السلام

إنّ حديث الثّقلين هو في الحقيقة أحد أدلّة إمامة الإمام المهدي عليه السلام وغيبته ، ومن الممكن إثبات هذا الادّعاء بمقدّمتين :

المقدّمة الاُولى

استنادا إلى هذا الحديث فإنّه كما سيبقى نصّ القرآن حتّى يوم القيامة ، فإنّ أحد أئمّة أهل البيت عليهم السلام سيبقى على قيد الحياة حتّى القيامة ، وسيكون إلى جانب القرآن .
هناك في نصّ حديث الثّقلين ثلاث قرائن تدلّ بوضوح على هذا الادّعاء :
أ ـ جملة «إنِّي تارِكٌ فيكُم الثِّقلَينِ» ، فلا شكّ في أنّ هذا الخطاب لا يختصّ بأصحاب النبيّ صلى الله عليه و آله ، بل يشمل جميع الاُمّة الإسلامية حتّى يوم القيامة ؛ وإلّا ستكون عبارتا «لَن تَضِلُّوا» و «حَتَّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ» عديمتي المعنى .

1.وفي أحاديث الحثّ على التمسّك بأهل البيت إشارة إلى عدم انقطاع متأهّل منهم للتمسّك به إلى يوم القيامة ، كما أنّ الكتاب العزيز كذلك ، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض كما يأتي ، ويشهد لذلك الخبر السابق : «في كلّ خلف من اُمّتي عدول من أهل بيتي...» إلى آخره . ثمّ أحقّ من يتمسّك به منهم إمامهم وعالمهم عليّ بن أبي طالب كرّم اللّه وجهه ، لما قدّمناه من مزيد علمه ودقائق مستنبطاته ، ومن ثمّ قال أبوبكر: «عليّ عترة رسول اللّه صلى الله عليه و آله » ؛ أي الذين حثّ على التمسّك بهم ، فخصّه لما قلناه ، وكذلك خصّه صلى الله عليه و آله بما مرّ يوم غدير خم (الصواعق المحرقة : ص ۱۵۱) .


موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6
166

البيت عليهم السلام العلميّة وزعامتهم السياسيّة ، فإن لم تكن قيادة الاُمّة لهم ، لم يكن بإمكان المجتمع الإسلامي والعالم الانتفاع من بحر علم أهل البيت غيرِ المحدود بالنحو المطلوب . لذلك فإنّ حديث الثّقلين يحمل للاُمّة الإسلاميّة رسالة سياسيّة إلهيّة هامّة ، هي التلاحم المصيري بين القرآن والعترة . وبعبارة اُخرى : فإنّ القرآن ـ الّذي يمثّل رسالة التكامل المادّي والمعنوي للإنسان ـ لا يمكن أن ينفصل عن العترة الّتي تحفظ هذه الرسالة ، وتواصل نهج السنّة النبويّة . وباختصار فإنّ الدين لا ينفصل عن السياسة ، وإن هجر كلّ منهما في المجتمع الإسلامي يعني هجر الآخر .
إنّ الإمام الخميني قدس سره يشير في بداية وصيّته القيّمة ـ المستلهمة من وصيّة النبيّ صلى الله عليه و آله السياسيّة الإلهيّة ـ في شرح حديث الثّقلين إلى هذه الملاحظة المهمّة قائلاً :
لعلّ قوله : «لَن يَفتَرِقا حَتّى يَرِدا عَلَيَّ الحَوضَ» إشارة إلى أنّ كلّ ما يجري على أحد هذين الثّقلين بعد رسول اللّه صلى الله عليه و آله ، يجري على الآخر ، وأنّ هجر أي منهما يعني هجر الآخر . ۱
لقد أثبت التاريخ السياسي للإسلام بوضوح ـ وكما كان رسول اللّه صلى الله عليه و آله قد تنبّأ به ـ أنّ من غير الممكن تحقيق أحكام القرآن في المجتمع بدون القيادة السياسيّة لأهل البيت ، بل إنّ فصل أهل البيت عن القرآن رغم إقامة حروف هذا الكتاب السماوي قد هيّأ الأرضيّة لتضييع حدوده في المجتمع الإسلامي . ۲

1.صحيفه امام (بالفارسيّة) : ج ۲۱ ص ۳۹۴ .

2.كما ذكر الإمام الخميني في وصيّته السياسية الإلهية : «لقد اتّخذ الجبابرة والطواغيت القرآن الكريم وسيلة لإقامة حكومات مناهضة للقرآن ، وأقصوا المفسّرين الحقيقيّين للقرآن والعارفين بالحقائق الّذين كانوا قد أدركوا القرآن برمته من النبيّ الأعظم صلى الله عليه و آله ، وكان نداء «إنّي تارك فيكم الثّقلين» في أسماعهم ، وذلك بذرائع مختلفة ومؤامرات مخطّط لها مسبقا ، وفي الحقيقة فإنّهم أقصوا القرآن من الساحة ، القرآن الّذي كان وما يزال أكبر نهج للحياة المادّية والمعنوية ، وأبطلوا حكومة العدل الإلهي الّتي كانت وما تزال أحد أهداف هذا الكتاب المقدّس (صحيفه امام[بالفارسيّة] : ج ۲۱ ص ۳۹۴) .

  • نام منبع :
    موسوعة معارف الکتاب و السنّة ج6
    سایر پدیدآورندگان :
    المسعودي، عبدالهادي؛ الطباطبائي، محمد کاظم؛ الأفقي، رسول؛ الموسوي، رسول
    تعداد جلد :
    10
    ناشر :
    دارالحدیث
    محل نشر :
    قم
    تاریخ انتشار :
    1390
    نوبت چاپ :
    اول
عدد المشاهدين : 150424
الصفحه من 600
طباعه  ارسل الي